كانت دعوة جلالة الملك وإصدار أوامره لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف وتوجيهه لها بدعوة ممثلي الجمعيات السياسية لاستكمال النقاش والحوار في المحور السياسي، الذي كان أحد محاور حوار التوافق الوطني دليلاً على عزم جلالته المضي قدماً في طريق الإصلاح والديمقراطية ولم الشمل وإعادة اللحمة الوطنية بين مختلف الأطراف في المجتمع عن طريق الجلوس على طاولة الحوار وطرح القضايا المختلف عليها بكل حرية ووضوح على أن تكون مصلحة الوطن فوق أي اعتبار. إن دعوة جلالة الملك للحوار ليست جديدة، إنما كانت في الأساس بعد الأزمة التي مرت بها بلادنا في محاولة إلى تقريب وجهات النظر في الملفات التي تختلف حيالها القوى السياسية، ولكن جمعية الوفاق وللأسف الشديد كانت حينها قد انسحبت من الحوار ونراها تتباكى في مؤتمراتها وتحمل الدولة السبب في تراجع الحريات والتضييق عليها، في حين أنها في الواقع هي من تسببت في الأزمة وإدخال الوطن في عنق الزجاجة حتى اليوم، ولكننا متفائلين بحكمة جلالة الملك وواثقين بأن سفينة البحرين ستمضي إلى بر الأمان في ظل قيادتنا الرشيدة.في المقابل فإن الجمعيات السياسية المشاركة في الحوار يجب عليها أن تتقبل مختلف وجهات النظر وألا تتزمت لآرائها أو تتعصب لطائفة أو فئة أو أن تدخل بشروط مسبقة للحوار وهو ما سيؤدي إلى فشله، وبالتالي فإن عليها أن تضع الوطن نصب أعينها بعيداً عن أية مكاسب أو مصالح شخصية، كما إن على من سيكون ممثلاً عن جمعيته أن يبتعد عن المهاترات الإعلامية من خلال تبادل التهم والتجريح على صفحات الجرائد، وعليهم أن يكونوا متفاهمين متوافقين، وقد تصل في بعض الأحيان إلى تقديم التنازلات من أجل الوصول إلى نقاط مشتركة تفضي إلى صيغة توافقية حتى ينجح الحوار وإنهاء القضايا العالقة في المحور السياسي.رغم أن دعوتنا إلى الدخول دون أية شروط مسبقة لم تكن ضد أي أحد بل يجب على الجميع أن يناقش كل شيء في الحوار من منطلقات وطنية وليست فئوية أو طائفية كالتي تريدها الوفاق أن يكون نصيبها من نصف الحقائب الوزارية في الحكومة في محاصصة طائفية تعطي انطباعاً بأن تشكيل الحكومة مناصفة بين السنة والشيعة، وهو ما يعتبر مسيئاً للبحرين التي عرفت بالتسامح والتعايش بين الطائفتين الكريمتين منذ عقود مضت، في ترابط وتلاحم بل ومصاهرة لن نسمح بأن تكون الوفاق سبباً في تغذية الطائفية واختيار الوزراء بحسب الطائفة، وكان الأولى بها أن تضع في مرئياتها فيما يتعلق بالمناصب الحكومية أن تكون حسب الكفاءة بغض النظر عن جنسه أو طائفته؛ إنما المعيار هو الكفاءة وحب الوطن والولاء لترابه وليس لغيره.كما إن وقف العنف والتخريب في الشارع هو ما يهم كل شعب البحرين قبل الجلوس على طاولة الحوار، وهو ما يجب على المعارضة أن تدركه وتحققه وهي قادرة، ولا يجب عليها أن تتنصل أو تتعذر بأنها لا تستطيع وقف مظاهر التخريب كما قال أمينها العام علي سلمان بأنه لا يستطيع وقف العنف، كفانا عبثاً بمقدرات الوطن ومنجزاته التي تحققت على مدى سنوات بفضل من الله تعالى ثم بفضل قيادة سياسية رشيدة وشعب مخلص لوطنه، ونقول للمعارضة ألا تفوت الفرصة هذه المرة، وألا تتهور سياسياً وتنسحب أو تقاطع جلسات الحوار وترتكب ذات الأخطاء التي كانت تقع فيها حين قاطعت أول انتخابات نيابية وانسحابها من البرلمان وبعدها من حوار التوافق الوطني.همسة..الشعب يريد حلاً حقيقياً يخرج الوطن من أزمته وهذا لن يتم إلا من خلال الجلوس على طاولة الحوار والأخذ بمختلف وجهات النظر، وعلى المشاركين الارتقاء بأطروحاتهم وأن يكونوا حضاريين فهم نخبة المجتمع، ونتمنى ألا نشهد مسرحيات واستعراضات عفا عليها الزمن، واللبيب من الإشارة يفهم!