لعلها المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر؛ يعتلي أحدهم منبر الحسين عليه السلام، حيث الناس جلوس في الصحن الحسيني، ويخصص جزءاً من وقت القراءة الحسينية للتسقيط والدعاء بالموت على العائلة المالكة في البحرين. الغريب أن السيد القزويني الذي ظهر في شريط الفيديو الذي يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا علاقة له بالبحرين وما يجري فيها، والصحن الحسيني الذي كان يجلس على منبره ليس في البحرين، والجمهور الحاضر ليس بحرينياً، الأمر بدا وكأنه تجرؤ على سيد الشهداء؛ بل هو كذلك، ما يدفع إلى السؤال عما يحدث وسره، فعدا أنه لا علاقة بين المكان (الصحن الحسيني) وصاحبه (الإمام الحسين) وكذلك البلاد التي نصب فيها مجلس العزاء بما يجري في البحرين؛ فإن الموضوع بعيد عن الموضوعات التي يتناولها عادة خطباء المنبر الحسيني، فهذا موضوع سياسي لا علاقة له بما جرى لسبط الرسول عليه الصلاة والسلام في كربلاء.. ذاك ديني وهذا سياسي.لا أحد يستطيع أن يمنع السيد مرتضى القزويني من الحديث في الشأن البحريني أو غير البحريني، ولا أحد يستطيع أن يحد خطيب المنبر الحسيني بالحديث في الشأن الحسيني والديني فقط، لكن كل ذي عقل يقول إن الصحن الحسيني ليس بالمكان الصحيح الذي يمكن تناول موضوع كالمشار إليه فيه، كما إنه ليس من أخلاق الخطيب الحسيني أن يدعو ويحرض الحاضرين على الدعاء على شخص بعينه والإساءة إلى عائلة كريمة من عوائل المسلمين الذين لم يعهد منهم أي تقصير في حق الإمام الحسين وآل البيت الكرام، وليس من الأخلاق كذلك استغلال منبر الحسين في الإساءة إلى الآخرين.ما قام به السيد القزويني خطأ؛ بل خطأ فادح، فالمنادة بالتسقيط والدعاء بالموت على العائلة الحاكمة من على منبر الحسين عليه السلام يسيء إلى آل البيت الكرام الذين تعلم الجميع منهم حسن الخلق والدعوة إلى الخير والسلام، كما إن إقحام الحسين في مسألة لا علاقة لها بمأساة الحسين تطاول على المقام الشريف لسبط الرسول عليه السلام. ما كان يجب السماح بفتح هذا الباب لأنه بكل بساطة يعطي الآخرين (حق) التطاول على من يشاؤون من على كل المنابر الإسلامية وإيلاج السياسة في الدين والخلط بينهما. لنتصور أن خطيباً يعتلي منبراً في مسجد وينادي بتسقيط السيد علي الخامنئي ويدعو بالموت عليه وعلى أهله ويسب الإمام الخميني فكيف سيكون الحال؟ هل سيقبل من يرى في هؤلاء المحترمين رموزاً ويعلي من شأنهم بهذا الأمر؟ وهل سيقبل به السيد القزويني نفسه؟ ترى كيف ستكون ردة فعله لو حدث شيء من هذا القبيل؟ مع كل الاحترام ينبغي القول إن الحكمة فارقت السيد القزويني في ذلك المقام، وأن عليه أن يعتذر عما بدر منه للإمام الحسين الذي استغل منبره استغلالاً غير لائق، وللبحرين التي تطاول عليها بالمناداة بتسقيط رمزها وبالدعاء بالموت على العائلة المالكة التي لا علاقة لها بالموضوع أساساً، والاعتذار موصول أيضاً إلى كل من استمع إلى تلك الخطبة ومن شاهد ذلك المقطع في شريط الفيديو. أما علماء الدين من ذوي العلاقة فمطالبون ببيان موقفهم من هذا الذي قام به السيد القزويني وتوضيح الأمر له والتأكيد على أنه لا علاقة بين المنبر الحسيني والسياسة، وأن الصحن الحسيني ليس المكان الصحيح للدعاء على الحكام، خصوصاً بمثل تلك الطريقة التي فعلها القزويني، والتي من دون أن يدرك أضاف وقوداً إلى النار المشتعلة بدل أن يسهم في إطفائها عبر دعوة الجميع إلى الابتعاد عن العنف ونبذه والدخول في حوار يؤدي إلى الخروج من المشكلة.