القصة التي انتشرت السبت الماضي وتفاعل أهل البحرين معها تحمل الوجهين، الصدق والكذب، فهذه القصة حقيقية بنسبة 50% وهي قصة ملفقة بنسبة 50% وفي قضايا مثل هذه توجد قاعدة أساسية للتقاضي تقول «البينة على من ادعى.. واليمين على من أنكر»، والقصة كما رويت من قبل أحد المواقع الإلكترونية اعتمدت رواية المدعية فقط لذا لم يكن أمام وزارة الداخلية سوى القول في بيان أصدرته لتؤكد اهتمامها بالموضوع، وبيان موقفها إنها لم يصلها أي شكوى من أي شخص فيما يخص هذه القصة، وبالتالي فإنها لا تستطيع أن تحقق في الموضوع لتعرف حقيقة الأمر وتعاقب الجاني.كلام الداخلية هذا منطقي، فطالما أنصه لا توجد شكوى رسمية في أي مركز من مراكز الشرطة فإن الطبيعي ألا يكون هناك تحقيق وأن تعتبر القصة ضمن محاولات البعض تشويه صورة رجل الأمن والإساءة إليه. لست هنا لأصدر حكماً ولكني أوفر حقائق، أولها أن القضايا الأخلاقية خط أحمر لدى المجتمع البحريني فلا أحد يقبل على عرضه وبالتالي لا أحد يتجرأ على عرض الآخر، فباستثناء الحالات الشاذة لا يوجد في مجتمع البحرين من يقبل بمثل هذا العمل الدنيء، وهذا هو سر تفاعل الناس السريع مع الرواية. الحقيقة الثانية أن الحكومة لا تقبل بحدوث مثل هذه التجاوزات، خصوصاً من قبل رجال الأمن والعسكر وتتعامل معها بكل حزم وشدة، والحال نفسه بالتأكيد لدى وزارة الداخلية التي تتوفر عناصرها في كل مكان. شخصياً أعرف تمام المعرفة أن وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة لا يمكن أن يسمح بمثل هذه التجاوزات ولا يمكن أن يتسامح مع من تسول له نفسه مثل هذا العمل فهو رجل أخلاق بامتياز، لأنه يعلم أنه في موقعه هذا لا يمثل الحكومة فقط ولكنه يمثل أيضاً آل خليفة الذين لا يمكن أبداً أن يقبلوا بمثل هذه التجاوزات مهما كانت الأسباب. البيان الذي أصدره لاحقاً الموقع الإلكتروني الذي نشر القصة لم يكن مقنعاً واهتم بتبرير سماحه لنشر القصة وسعى إلى القول إنه صادق فيما روى أو ما نقل إليه لكنه لم يوفر أي دليل على صدق القصة، والواضح أنه اعتمد على أمرين هما ثقته في المندوب الصحافي وموقفه السالب من السلطة. وردة الفعل من قبل الجمهور المتلقي للقصة وخروج البعض في مسيرات منددة بهذا الفعل القميء لم تفك اللغز لأنها ردة فعل طبيعية كون المجتمع البحريني مجتمعاً محافظاً وقصة كهذه تصدمه وتحرك فيه مشاعر الغضب حتى من دون أن يتيقن من صدقها. قصة اتهام رجل أمن باغتصاب امرأة مسألة واردة في مثل الظروف التي نمر بها اليوم دون أن يعني هذا أن رجل الأمن ملاك، لكن الأكيد أنها ستكون سبباً للدخول في مرحلة جديدة من العنف، فعندما تصل المسألة إلى الأعراض تسيل الدماء وترخص الأرواح، لذلك فإن المتوقع أن يستفيد البعض من هذه القصة حتى قبل التيقن من صدقيتها فيحركوا مشاعر الناس ويؤلبوهم على الحكومة والحكم، فهناك من «يبحث عن جنازة ليشبع فيها لطماً». لا تزال القصة في البداية، ولا تزال تحمل الوجهين، الصدق والكذب، لكن الأكيد أن القيادة والحكومة لا تقبلان بمثل هذه التجاوزات المخالفة للنظام والشرع والقانون والعادات والتقاليد والأخلاق، والأكيد أن وزير الداخلية لا يمكن أن يسكت لو ثبت أن هناك بالفعل من تورط من رجال الأمن في هذه القصة ولن يتردد عن إصدار أقسى العقوبات في حقه، لكنه أيضاً لن يسكت عمن روج القصة لو كانت كذباً وكان الهدف من ورائها الإساءة إلى رجال الأمن.