هناك مثل معروف «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» لذلك سأؤجل الجزء الثاني من مقال «السيرك الإعلامي» ليوم الغد وأكتب هذا المقال اليوم الأربعاء قبل جلسة الحوار الخامسة عشرة خوفاً من وقوع المحذور وللتنبيه للعبة الجمعيات الخمس وتكتيكها الجديد الذي تحاول فيه الالتفاف على الثوابت من خلال بحثها عن الحلقة الأضعف.بعد كل محاولات التدويل والتحايل لإفشال الحوار الوطني والحصول على صور إسقاط الدولة وإلغائها والبدء من المربع رقم واحد، بدأت الجمعيات الخمس تكتيكاً جديداً لتحقيق ذات الهدف من خلال تفتيت الجبهة المواجهة لها والانفراد بهم مجموعة مجموعة، ثم تفتيت المجموعة الواحدة إلى عدة مجموعات.أولاً تقدمت الجمعيات الخمس بطلب عقد لقاءات ثنائية بينها وبين جمعيات الائتلاف بعيداً عن ممثلي مؤسسات الدولة وسلطاتها التشريعية والتنفيذية، وتحولت إلى الحمل الوديع وهم يطلبون هذا الطلب من الائتلاف، فتحسنت أخلاقهم وتم تكميم ذي الفم البذيء صاحب الكلمات التي تحجبها الرقابة وتسد النساء آذانها عنها، وتكليف لسان معسول للسؤال عن الطلب.الغرض أولاً هو الحصول على إقرار شرعي من الائتلاف وإعطاء صك عدم الاعتراف بمؤسسات الدولة الشرعية، فاللقاءات الثنائية المطلوبة هي بين القوى السياسية بعيداً عن السلطة التشريعية بغرفتيها وبعيداً عن السلطة التنفيذية، فمن هو الحلقة الأضعف الذي سيروج لهذا اللقاء داخل الائتلاف؟ من هو الشخص الذي تم اختراقه من الجمعيات الخمس ليكون حصاناً لطروادة داخل الائتلاف؟ إلى الآن الصورة غير واضحة!وهنا لا ألوم الائتلاف إن حتى ناقش هذا الطلب، بل ألوم المؤسسات التشريعية وخاصة الغرفة المنتخبة التي وصل أعضاؤها بأصوات ناخبيهم الذين تحدوا مقاطعة هذه الجمعيات المقاطعة، إنني أبحث عن موقف شجاع مبدئي من الأعضاء الثلاثة المنتخبين من أصوات تعمل الجمعيات الخمس على إهانتها وتهميشها دون أن ينبس أحد منهم بالكلام.اللقاءات الثنائية مرفوضة أولاً لهذا السبب، ثانياً الخطوة الثانية ستعلن الجمعيات الخمس بعد عقد عدة لقاءات مع الائتلاف أن هناك مجموعة متوافقة من هذا الائتلاف معنا، و مجموعة غير متوافقة، فلنجتمع مع المتوافقين ونخرج غير المتوافقين، وهكذا تستمر عملية التفتيت والانفراد والسبب كان وجود حصان أولي وثور أبيض قبل أن يقتل أولاً!!لا يظن الذين يرفضون هذا الطلب أنهم ضد الحصول على توافقات وضد التفاهمات وضد نجاح الحوار، بل لابد أن يعرف الجميع أن مؤشر نجاح الحوار يقوم أولاً على إقرار ثوابت وجود الدولة بمؤسساتها وبميثاقها وبدستورها وأي خطوة أو تكتيك يحول دون هذا الهدف لابد من رفضه رفضاً باتاً والانتباه له.أقيم الحوار أولاً للوصول لتوافقات ضمن هذا الإطار الدستوري ومن حضره من ممثلي الشعب البحريني بقواه السياسية وبممثلي سلطات الدولة يحملون أمانة الحفاظ على شرعية الدولة ومؤسساتها بما فيها الغرفة المعينة، وأي تهاون في حمل هذه الأمانة يجب أن يواجه من قبل الرأي العام لرده إلى جادة الصواب. ثانياً هناك طلب ملغوم آخر تقدمت به الجمعيات الخمس وهو فتح المجال لمزيد من الأفراد لدخول الحوار وقالت سنسمى نحن مستقلين وسموا أنتم مستقلون من خارج الجمعيات والسلطات، ولتقديم هذا الطلب بحثت عن ثغرة في الجبهة المواجهة تخترقها وتقدم الاقتراح عن طريقها، والغرض من هذا الاقتراح هو حاجتها لمن يحمل معها الثقل الذي ناء به الاثنان ممثل المنبر وممثل الوفاق لأن البقية كانوا الشور شورك يا يبه والرأي رأيك يا يبه.لا تعتقدوا أن شيئاً ما يخفى في هذا البلد الصغير حتى إن أسماء الذين ستقترحهم الوفاق معروفون!! ختاماً أذكر الذين يواجهون الجمعيات الخمس أن كل كلمة وكل (مبادرة) وكل اقتراح تقدمت به هذه الجمعيات لا يزيد على مجرد تغيير في الأداة وتبديل في التكتيك إنما الهدف كان ومازال هو إسقاط الدولة ومؤسساتها وكتابة دستور جديد.نتمنى من كل قلبنا الوصول إلى توافقات وتعم الفرحة شعب البحرين، ونخرج من هذه الدوامة المملة ونتفرغ للبناء ونتفرغ لقضايا كثيرة ينتظر المواطن حلاً لها، إنما ليس على حساب ثوابتنا وليس على حساب كرامتنا. فمن هو «الثور الأبيض» الذي سيبدؤون به؟ من هو الذي سيفتح لهم حصن الوطن؟