العنوان جزء من «أغنية ثورية» بأصوات جهورة لغير بحرينيين، يتم وضعها – وغيرها مشابه لها – كخلفية لـ «العمليات» التي يتم تنفيذها في شوارع البحرين وطرقاتها، والتي تتمثل في إشعال النار في إطارات السيارات، وقذف رجال الأمن بالمولوتوف، بعد أن صار «حلالاً» وبالحجارة، حيث يتم تصويرها وإعدادها للنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والفضائية «السوسة»، وبقية الفضائيات التي تدور في فلكها العراقية واللبنانية والإيرانية وغيرها، ففي هذه الأغنيات، ما يأملون أن تبث روح «الحماس» في البسطاء، وتدفعهم كي يحافظوا على موقعهم في المقدمة لينالوا الضربة، نيابة عن أولئك الجالسين في الظل، من الذين لا يبخلون عليهم بوصف كهذا يقول إنهم «رجال ولديهم القدرة على هز الجبال»! ولكن أي رجولة في قطع طريق، وإشعال النار في إطارات السيارات، وتعطيل حياة الناس وإزعاجهم، والتسبب في إرباك حركة السير والمرور ومن بعدها الهروب؟ وأي رجولة في رمي رجال الأمن بقنابل المولوتوف، من دون أي اعتبار حتى للمدنيين، ممن قادهم حظهم العاثر إلى التواجد في المكان؟ أي رجولة في القول إنه لا بأس لو أصيب أحد فهناك من ضحى بحياته، وإن كان المصاب لا يؤمن بأفكارهم ومبادئهم؟! ليسمح لي كل من يعتبر هذه الأفعال رجولة أن أقول لهم بصريح العبارة وبصوت عال إن هذه ليست من أفعال الرجال ولكنها من أفعال المراهقين، حيث الرجولة في وضع كالوضع الذي صرنا فيه تكمن في أمور أخرى، أساسها الحكمة وإفساح المجال للعقل كي يتحرك والعمل على وقف هذا النزيف لمقدرات الوطن، والسعي لتقريب وجهات النظر والتصالح، ذلك أن الاستمرار في مثل هذا الوضع لن يوصلنا إلى شيء، ولن يكسب منه أحد صفة الرجال، فالرجولة في هذا الفعل وليس في ذاك. الجانب الآخر، الذي يمكن استنتاجه من هذه الأغنية ومثيلاتها هو أن «العمليات» التي نراها في الشارع ليست إنتاجاً بحرينياً صرفاً، وأن الداعمين لمثل هذه الأغنيات لا يبخلون على المدعومين بأمور أخرى كالتخطيط وربما التنفيذ أيضاً، خاصة أن بعض هذه الأفعال غريب على البحرين، وعلى أخلاق أهل البحرين وخارج خبراتهم. هذا الأمر يؤدي إلى استنتاج آخر، هو أن التوقف عن مثل هذه العمليات لم يعد بيد البحرينيين «المدعومين» الذين اختاروا هذا الطريق، بعد أن صار لهم شركاء وصار للشركاء حقوق، وصاروا جزءاً من المشكلة، حيث المنطق يقول إنهم يجب أن يكونوا بذلك جزءاً من الحل أيضاً! هذا الاستنتاج ليس بعيداً عن الواقع، وبإمكان من تورطوا في هذا المشروع - وأعني به الاستعانة بأشخاص لا علاقة لهم بما يجري في البحرين - أن يجربوا بأنفسهم ليكتشفوا الحقيقة المرة، حيث سيقول لهم أولئك بكل بساطة إن لم يعد لكم مصلحة في الأمر فإن لنا فيه مصلحة! هكذا بكل بساطة. أما الدول التي تم شد الظهر بها، فلن تقبل الخروج من المولد بلا حمص، وهذا الأمر كان ينبغي أن يكون واضحاً لمن سعى إلى الاستعانة بها، فالدول لا توزع الصدقات ولكنها تبحث عن مصالحها، وليس لدولة عاقلة أن تضيع أموالها وأبناءها وتوفر خبراتها من أجل سواد عيون هذا الفريق أو ذاك. هذا ما اكتشفه الليبيون والتونسيون والمصريون وسيكتشفه بعد قليل السوريون. هذا يعني أن «المعارضة» إن لم تصل إلى مرادها – وهي في حال البحرين لن تصل أبداً – فإنها لن تتمكن من إغلاق هذه الحنفية مهما قدمت لتلك الدول ولأولئك الأفراد، ذلك أنها لن ليست قادرة على التعويض، وسيتبين لها بعد قليل أنها لا تستطيع أن «تشك خيطاً في إبرة» إلا بموافقتها! حينها سيتبين لها أنه لا يوجد جبال ليهزونها!