اعتبر البعض البيان الذي أصدرته الوفاق بتاريخ 28 أبريل الماضي بشأن ما نشر عن تعرض امرأة للاغتصاب واعترافها بعدم صحته تعبيراً عن شجاعة «المعارضة» وقدرتها على الاعتراف بالخطأ حين وقوعه، كما اعتبر البيان الذي أصدرته «مرآة البحرين» التي نشرت القصة، وقالت فيه إنها تعرضت لعملية تضليل شجاعة أيضاً، خصوصاً وأنها اعتذرت لقرائها وذكرت أنها تتحمل وحدها مسؤولية الخطأ. لا أعرف بالضبط كيف يمكنها أن تتحمل مسؤولية مثل هذا الخطأ لأنها عملياً لا تستطيع أن تقوم بذلك، فالمسؤولية هنا ليست أدبية فقط وليست بالكلام، فما حدث بعد نشر تلك القصة التي تشبه ميلودراما الأفلام الهندية هو أن الناس خرجوا في مسيرات غاضبة وسبوا وشتموا ودخلوا في مواجهات مع رجال الأمن الذين اعتبروهم مستهترين ومعتدين على الأعراض، وفي تلك المواجهات أصيب من أصيب وتضرر من تضرر وتعطلت أعمال الكثيرين، فكيف ستتحمل مرآة البحرين المسؤولية؟ هل ستعالج من أصيب في تلك المواجهات أم ستعالج من تضرر نفسياً جراء نشرها تلك القصة أم تعوض من خسر مادياً؟ أما المثير للضحك فهو ما جاء في بيان الوفاق الذي أهاب بـ»أبناء شعبنا المؤمن الغيور تحري الدقة في مثل إثارة هذه الأخبار الحساسة والمثيرة لما لها من تداعيات وخيمة على المجتمع بأكمله»، حيث الدعوة لتحري الدقة وجهت إلى «أبناء شعبنا» وليست إلى مرآة البحرين التي اختلقت القصة أو نشرتها. ترى كيف يمكن للناس من «أبناء شعبنا» أن يتحرى الدقة في قصة تمس الأعراض ونشرت عبر موقع إلكتروني اهتمت الوفاق والجمعيات «المعارضة» بالترويج له طويلاً على أنه المصدر الذي لا يأتيه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه؟ ما قد لا تعلمه الوفاق هو أن «أبناء شعبها الغيور المؤمن» تمت برمجته بحيث أنه صار يأخذ كل ما يصله من الوفاق ومن الجمعيات التي صارت تابعة لها على أنه حقيقة لا تقبل الجدل، والأمر نفسه ولكن بصورة أكبر لو جاء من رجل دين تعتبره الوفاق وتلك الجمعيات مرجعاً ومرشداً وقائداً. الخطأ هو خطأ مرآة البحرين، وهو الموقع غير الرسمي لجمعية الوفاق، حسب ما جاء في بيان صدر بالمناسبة من قبل ائتلاف 14 فبراير، واعتراف الوفاق ومرآة البحرين بالخطأ لا يغير من الأمر شيئاً حيث «التدقيق والتحري والمتابعة الحثيثة.. وحرص المخلصين وتثبتهم» لا قيمة له كونه تم بعد ما وقعت الفأس في الرأس، إلا إن كان الهدف من كل تلك العملية تسجيل نقطة لصالح وزارة الداخلية ورجال الأمن ضمن صفقة سرية كما لوح ائتلاف فبراير في بيانه! أبداً ليست شجاعة اعتراف الوفاق ومرآتها بالخطأ لأنه اعتراف لا قيمة له، فما قاما به عند نشر قصة «تعاني من تدليس واختلاق» لا يمكن أن يقع فيها حتى المبتدئ في العمل الصحافي أدى إلى إحداث فوضى وبلبلة وتضرر الكثيرين مادياً ونفسياً، فهو اعتراف خارج «الفورمة» وعبر عن تخبط وقلة خبرة في العمل السياسي، لأن نشر مثل هذه القصص ثم الاعتراف بأنها ملفقة يسيء إلى «المعارضة» ولا ينفعها، بل على العكس يعطي الطرف الآخر مكاسب مجانية، فما حدث بعد نشر القصة الملفقة والاعتراف بأنها كذلك هو أن الجمهور اعتبر كل ما قيل من قبل عن رجال الأمن ووزارة الداخلية ملفقاً أو على الأقل ضعيفاً ومشكوكاً فيه، وكذلك كل ما قد يقال عنهم لاحقاً، وبالمقابل اعتبار كل ما صدر عن الجمعيات المعارضة وكل ما قد يصدر عنها من قصص ادعاءات لن يتم تصديقها إلا بشق الأنفس. قصة المرأة المغتصبة كشفت عن شرخ في «مرآة المعارضة» لن يجبر سريعاً.