«يجب علينا أن نقنع الغرب بهذه المقولة، نحن (إيران) نمتلك دورة الوقود النووي بأكملها ولا مجال للتخلي عن هذه المنظومة، حينها سوف نرى الغرب يتقبل إيران النووية في الشرق الأوسط الساخنة»، قالها علي أكبر صالحي أثناء حضوره لقاءً في كلية الإعلام في طهران وذلك عام 2006 بعيد عودته من فيينا، وكان يتحدث بصفته سفير بلاده في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خلال كلمة ألقاها أمام حشد من الطلاب، كنت أنا واحداً من هؤلاء. يبدو أن حديث صالحي الذي أصبح فيما بعد وزيراً للخارجية الإيرانية ماهو إلا ترجمة لاستراتيجية طهران في تعاملها مع الغرب حيال ملفها النووي المثير للجدل. من هذا المنطلق وفي سياق التكتيك للتقدم في الاستراتيجية الإيرانية آنفة الذكر، تعمل طهران على تفجير مفاجآت إعلامية من العيار الثقيل حتى تلفت نظر الرأي العام الغربي والإقليمي وتستقطبه وتوظفه لصالحها، وتعرض نفسها في نفس الوقت كدولة مظلومة من قبل العالم الغربي، حيث تظهر أمام العالم عبر أدواتها الإعلامية وتكرر طهران هذه المقولة «أن الغرب لا يريد ولا يرضى بتطور الدول الإسلامية على المستوى العلمي والتقني». من خلال هذه المفاجآت، وعبر حديثها المتكرر عن الظلم العالمي الموجه لها، تكسب طهران بعض التعاطف من قبل بعض الذين تنطلي عليهم إسلامية الدولة في إيران، وكذلك المسلمون الذين يعتقدون بحرية البحث في العلوم والتطور العلمي والتقني، وربما غير المسلمين، ومن جهة أخرى تسيطر على الموقف أثناء المفاوضات بينها من جهة والترويكا الأوروبية والولايات المتحدة أو خلال مفاوضاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.في هذا السياق نرى أنه قبيل كل جولة من المفاوضات الإيرانية الغربية أو المفاوضات الإيرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية تنشر طهران بعض الأخبار المثيرة للجدل، وتفجر مفاجآت من العيار الثقيل حتى تشغل العالم بتطوراتها المزعومة، وتكسب تعاطفاً هائلاً من قبل العالم، خاصة على البعد الإقليمي، لذلك نرى بعض الذين يعلقون على هذه الأخبار والدعاية الإيرانية عبر مقالاتهم في الصحافة العربية والغربية منبهرين بتطورات إيران المتواصلة! من الأقمار الاصطناعية الإيرانية الصنع التي استقرت في الفضاء وصولاً إلى استنساخ الخراف، وكذلك سفر القرد الإيراني إلى الفضاء، ومن ثم هبوطه سالماً عبر كبسولة من صنع إيراني، فضلاً عن ذهاب بعض الحشرات والجرذان والسلاحف الإيرانية إلى الفضاء كذلك، وكل هذا عبر وسائل من صنع إيران!بعثت إيران ليومنا هذا، وحسب ما نشرته الوكالات الرسمية الإيرانية عدة أقمار اصطناعية، وكذلك كبسولة سافر عبرها القرد الإيراني إلى الفضاء ورجع سالماً، وهو مندهش مما شاهده أثناء السفر، وتعمل إيران على تطوير مسبارات خاصة للبحث في الكواكب الأخرى في الفضاء!في المقابل، المؤسسات الدولية للرصد، ليومنا هذا، لم تؤيد ادعاءات إيران حول إرسالها أقماراً اصطناعية للفضاء، وكذلك القرد الإيراني الذي ذهب إلى الفضاء كان ذا «خال» على جبينه وحين رجع من السفر لم نر أية خال على جبينه! والخروف المستنسخ على يد العلماء الإيرانيين لم تفحصه أية مؤسسة ذات مصداقية علمية مستقلة، والسلاحف والحشرات والجرذان والمسبارات التي يزعمون أنها من صنع إيراني، لم نر ولم نسمع من جهة مستقلة تؤيد كل هذه الادعاءات، وكذلك مقاتلة «قاهر313»، ما هي إلا «مجسم»، حسب ما كشف من قبل المختصين في البرامج الإلكترونية وتبين أنها مجسم تم تصميمه عبر برنامج «الفوتوشوب». إن عمل طهران على إقناع الغرب بسلمية برنامجها النووي لم يصل إلى محطة ليومنا هذا، وكذلك السلاحف الإيرانية، والخراف، والقرود، والجرذان، لم تقنع العالم وتمنعه من ممارسة ضغوطه على إيران، للتخلي عن عملها المتواصل على صنع السلاح النووي.ولكن أين دور الإعلام العربي والمحللين في السياسة الدولية لكشف كل خفايا هذه الادعاءات الكاذبة؟ لماذا كل هذا الانبهار والتصفيق لإيران عبر المنابر الإعلامية العربية؟ أين هو دور الصحافة الاستقصائية كي تنقذ بلدانها والرأي العام العربي من مغبة الوقوع في فخ إيران؟السلاحف الإيرانية لم ولن تطير ولم تصل إلى الفضاء ولم نسمع عن سلاحف حلقت في السماء يوماً وتبقى السلاحف هي سلاحف، ولا توجد سلاحف فضائية.ومن هنا على الدول العربية أن تعد لها برنامجاً واستراتيجية معينة قوية وخاصة، لردع التمدد الإيراني في داخلها الجغرافي، وكذلك تعمل على تأمين أمن اليمن، وتدعم الثورة السورية، بكل ما لديها على كافة المستويات، وتمسح الغبار عن ملف الأحواز، حينها سوف نرى خلال أشهر قليلة أن السلاحف الإيرانية سوف ترجع لمستنقعاتها، والحشرات الإيرانية ستتفادى السفر إلى الفضاء، وترجع إلى جحورها، والمجتمع سوف يعترض على استنساخ الخراف، والقرود بمساعدة الجرذان سوف تقوم بثورة ضد طهران نتيجة الكذب والاتهامات الموجهة لها من قبل إدارة الحكم في إيران، واتهامها بالسفر إلى الفضاء!