مناظر حرق الإطارات شبه اليومية في البحرين، والأدخنة المتصاعدة في السماء، تذكرنا بالقصف والحرائق في فلسطين ولبنان، وغيرها من الدول التي تدمر كل يوم بيد العدو. تلك مشاهد الحرائق التي نشاهدها في نشرات الأخبار عن فلسطين المغتصبة، واستنكارنا لهذا المشهد المأساوي للحبيبة فلسطين، التي تحترق كل يوم على يد جنود إسرائيل الصهاينة منذ عشرات السنين. قواسم مشتركة بين الراديكاليين في البحرين وجنود إسرائيل، ألا وهي حب التدمير والترهيب. فجنود إسرائيل يتلذذون بحرق فلسطين، لأنها ليست بلادهم، وما جنود إسرائيل إلا قطع من الشطرنج، قد جمعت من بلدان العالم، لاغتصاب فلسطين كل يوم.أما الراديكاليون في البحرين فهم يحسبون من شباب البحرين وسواعدها، وهم من يئدوا البحرين كل يوم، كما توأد الطفلة ظلماً من أعز وأحب الناس إليها. نتعجب من هؤلاء الراديكاليين، الذين يحملون كل هذا الحقد في قلوبهم على البحرين ومن عليها، فأي ثقافة تلك التي غرست في نفوسهم، وأي حقد على البحرين الذي ملئت به قلوبهم. إن الأطر التي حددوها في سلوكهم، والتي تزيد فجوتها كل يوم، تعبر عن العشوائية في التعبير عن آرائهم، والتي تتخذ من العنف والهمجية هوية لعدم النضج في إدراك مفهوم الديمقراطية الصحيحة.لقد أثبتت الدراسات المعنية في سلوك الفرد أن الأفراد تتأثر آرائهم بآراء مرجعياتهم، والجمعيات التي ينتمون إليها، بمعنى آخر أن هناك من يغذي عقول هؤلاء الراديكاليين، بأن يحقدوا على الوطن منذ الصغر، ويزرعوا في نفوسهم حب الانتقام، ويجعلون من الشر، قيمهم وميراثهم المعرفي، ليصبحوا جماعة الغوغاء. ولو تصفحنا عقول هؤلاء الراديكاليين الذين يسهرون الليالي الطوال لنشر الفوضى، لوجدنا أن أهدافهم تنحصر بين كم سيجني من مال في العملية الإرهابية، وبين التباهي بين أقرانه، وبين ما خلفته هذه العملية من خسائر في الأرواح والممتلكات وحجم هذه الفوضى، إذ إن الإصلاح والتغيير الإيجابي للوطن ليس في ترتيب أولوياتهم. جماعة الراديكاليون هم صورة لحقيقة بعض الجمعيات السياسية التي تجلس على طاولة حوار التوافق الوطني اليوم، في محاولة لترقيع صورتهم الذهنية السوداء في داخل المملكة وخارجها. فهذه الجماعة بحاجة ماسة إلى معالجة نفسية، لما يبدر من أعضائها من تناقض واضح في التعبير عن حب الوطن، فهم من يجلسون على طاولة الحوار في النهار، ليتحاوروا مع أطياف المجتمع، ثم يندسون في الخفاء ليلاً على طاولة الشياطين، وللشياطين شيطان أكبر يترأسهم، وهنا لا ننسى الشيطان الذي أوهم آدم وحواء بالخلود، فتسبب في نزولهما إلى دار الشقاء. الوطن كالجنة، وثمار الجنة لمن يبنيها، وعلقم الجنة هم الذين يجب أن تقتلع جذورهم من الأرض وتجتث، الجنة يستحقها الشرفاء، الذين يحفونها بالأرواح، ويعمرونها بالحب والتعاون، وهي بعيدة المنال عن الذين يحفونها بالنيران وحرق الأخضر واليابس، ونشر الفتن، أعاذنا الله منها