خلال ساعات من بعد انتهاء جلسة مجلس النواب يوم الثلاثاء، ظهر اسم البحرين على قائمة محركات البحث على الإنترنت، ولم يكن ذلك بسبب أي قضية محلية خاصة بالبحرين، إنما كان السبب لارتباط هذا الحدث بحدث عالمي، وربما لم يخطر حتى لأعضاء مجلس النواب أنفسهم، إذ أن مجلس النواب أطلق قنبلة مدوية حين صوت على مقترح برغبة لجعل حزب الله منظمة إرهابية.التوقيت وحده خدم البحرين ولو قدم هذا الاقتراح برغبة في غير هذا الوقت لما حظي بالاهتمام الدولي، فالاتحاد الأوروبي يناقش هذه الأيام وبضغط من الولايات المتحدة تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية من أجل تضييق الخناق عليه لمنع تمويل ودعم الهجمات الإرهابية حول العالم التي تدعم المصالح الإيرانية كما جاء في الواشنطن بوست، إذ كتب مايكل بورنباوم قبل أسبوع أن «الضغط ازداد على أوروبا لإعلان حزب الله منظمة إرهابية» بعد أن اتهمت محكمة قبرصية الخميس المواطن اللبناني السويدي حسام يعقوب «بالمساعدة في التخطيط لاعتداء على سياح إسرائيليين في الجزيرة».وأضاف الكاتب أن «إدارة أوباما دفعت الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة لإضافة المجموعة الشيعية المسلحة إلى لائحته للإرهاب، في محاولة لإعاقة ما تصفة الولايات المتحدة بالجهود المتسارعة للقيام بهجمات ضد إسرائيليين وأهداف اختارتها إيران حول العالم».وخلص برنباوم إلى أن عدة مسؤولين أوروبيين يعتقدون أن اتهام يعقوب «يعطي زخماً جديداً للجهود لإقناع الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي ليتخذوا تدابير ولو محدودة»، ضد «حزب الله» من أجل «الحد من قدرته على جمع الأموال والتجنيد في أوروبا». وحفلت صحف ألمانية وفرنسية بأخبار حول هذا الموضوع وميل كل من فرنسا وألمانيا إلى أن تحذو حذو الولايات المتحدة الأمريكية، فدير شبيجل الألمانية كتبت يوم الجمعة خبراً بثته على موقعها الإلكتروني، مفاده أن وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش أجرى محادثات مع ممثلين عن اللجنة الأمريكية اليهودية وخبراء أمنيين، قبل أن يصرح برغبته في حظر الحزب اللبناني في أوروبا.ورب رمية من غير رامٍ مثلما يقولون أن يقر البرلمان البحريني حزب الله منظمة إرهابية فتكون الدولة العربية الأولى التي تقدم على هذه الخطوة في هذا التوقيت بالذات.وما إن بثت إحدى وكالات الأنباء الخبر حتى انتشر كالنار في الهشيم ونشرته جميع الوكالات وقنوات التلفزيون والصحف الغربية، وخلال 24 ساعة توالت الاتصالات على المسؤولين والمراقبين والإعلاميين في الدولة لمزيد من المعلومات.ذلك الذي جعل البحرين محط أنظار الإعلام الغربي فجأة، لأن الاتحاد الأوروبي تردد كثيراً باعتبار الحزب منظمة إرهابية وهو الذي كان إلى وقت قريب يعد من قوى المقاومة المشروعة للاحتلال الإسرائيلي، إنما تحركات حزب الله في الآونة الأخيرة أخرجته من خانة المقاومة فتدخله في سوريا ثم جاءت العملية الأخيرة التي ذهب ضحيتها سواح إسرائيليون في أوروبا لتدفع بهذا الخيار الذي ترددت به أوروبا كثيراً إلى الأمام، لذا فأن يأتي التصنيف من جانب إحدى الدول العربية فإن ذلك دعم لوجهة النظر الأمريكية الإسرائيلية ومتزامناً مع الاهتمام الإعلامي بدور الحزب في الصراع السوري وفي قضية السواح.هذا الذي جعل وسائل الإعلام خاصة الأوروبية تنظر باهتمام للحدث البحريني بأهمية لم تكن لتحظى بها البحرين لو أن الحدث كان في غير هذا التوقيت.إنما -وكالعادة - لم ننتبه ولم نوظف هذا الحدث كما يجب أن يخدم القضية البحرينية.فتركناه دون دعم إعلامي محلي يشبع فضول هذا الإعلام، تركناه رغم زخم الاتصالات والمتابعة الأوروبية حتى اضطر عراب زواج المتعة الأمريكي الشيعي أن يقلل من أهمية هذه الخطوة ويقلل من أهميته حين أجاب على أكثر من اتصال أن النواب غير جادين وأن الحكومة تلعب مسرحيات في الفضاء الخارجي، ثم يقحم موضوع القاعدة رغم أن السؤال لا يخصها.ذلك الرد لم يكن استهزاء بمجلس النواب، بل هو إدراك سريع لأهمية الحدث وانعكاساته، فما كان منه إلا محاولة صرف انتباه الإعلام الأجنبي عنه.في حين كان يجب أن يوظف هذا الاندفاع الإعلامي الغربي لنا لتدعيم موقف البحرين، من خلال نشر صور المليشيات البحرينية وفيديوات التدريب العديدة المنتشرة عبر الفيديو تيوب ومصاحبتها للأغاني والصوت اللبناني، كان ممكناً أن تكون تلك الصور الحية مادة خاماً تصاحب المعالجة الإعلامية البحرينية للحدث البرلماني، ثم توظيف تصريحات حسن نصر الله عن البحرين، وتوظيف صور اجتماعات الوفاق معه، وصور المسيرات البحرينية التي تحمل صور الحزب. كان يجب أن توظف تلك الأدلة في هذا التوقيت تزامناً مع مناقشة هذا الموضوع في الاتحاد الأوروبي، تلك المعالجة غابت تماماً عن الاهتمام.إن هذا هو وقتنا كما يقال، فالاقتراح المقدم من مجلس النواب انتقل للحكومة والحكومة لم تصرح إلى الآن، وكان يجب أن تتلقف هذه الكرة وتستغل هذا الاهتمام الإعلامي المفاجئ استغلالاً يستفيد من تصريح السفير البريطاني ويستفيد من كل التصريحات التي تؤكد تورط إيران في البحرين.يجب أن ننجح في إعادة ربط القضية الأوروبية مع البحرين قبل أن تضيع الفرصة، لا يجب أن تترك المسألة إلى أن تبرد ـ مثلما يقال - ولا يثنينا أن اتخاذ قرار من هذا النوع يحتاج لوقت، بل يجب أن يوظف الحدث إعلامياً لصالحنا الآن وقدر المستطاع، مازال الموضوع رهن المناقشة الأوروبية.