فقط بودنا أن نعرف كيف سيكون شكل السيناريو إن أصر النواب في جلسة اليوم على موقفهم بشأن الميزانية، وإن هم رفضوا تمريرها إلا حينما تحقق لهم وزارة المالية مطالبهم بشأن زيادة الرواتب ووضع المتقاعدين والغلاء؟! أسأل، لأنه من غير المعقول أن تظل الدولة من دون ميزانية «مفعلة» ونحن الآن وصلنا لقرابة النصف الأول من العام.وضمن هذا السياق فإن ما يكاد يجمع عليه جميع شعب البحرين اليوم بأن الميزانية ستمرر عاجلاً أم آجلاً، عاجلاً وقد يكون اليوم حينما يجد النواب أنفسهم أمام طريق مسدود، فإما تمرير الميزانية أو أنكم السبب في «بهدلة» الدولة ومشاريعها وتعطيل حراك قطاعاتها، أو آجلاً حينما تتعطل الأمور ولا يمكن عقلياً أو منطقياً أن تظل البلد دون ميزانية.بعض الناس يقرأ تصريحات النواب بشأن هذه الجدلية الحاصلة والسجال المستمر مع وزارة المالية ولسان حاله قد يدفعه للقول: «مساكين النواب وضعهم صعب وليس بالإمكان أفضل مما كان»؟! وبعضهم قد يجد لهم العذر، لكنني شخصياً لا أستطيع «بلع» الموضوع، إذ ما يحصل لنا اليوم كمواطنين من فشل لأي مقترح ومشروع يتعلق بتحسين أوضاع البشر هو نتاج عمل «سعادة النواب» منذ بدأ المجلس عمله في 2002.لا يمكننا كمواطنين أن نقبل أية تبريرات تصدر هنا وهناك عن النواب تعبر عن عجزهم وفشلهم، لم ينتخبكم الناس لتضيعوا دور الانعقاد الأول لتعديل لائحتكم والتثبيت فيها أن مسمياتكم تبدأ بـ»سعادة»! لم ينتخبكم الناس لـ»يترزز» بعضكم في مكاتب الوزراء لشرب «شاي الضحى» وحينما تصل المسألة لمواجهة مع الوزير هذا النائب يخرج لدورة المياه وذاك يغيب وآخرون «صم بكم عمي وكأن على رؤوسهم الطير»! أبداً، لم ينتخبكم الناس لتمرروا لأنفسكم تقاعداً نيابياً «إلزامياً» أقريتموه بسرعة البرق واليوم أنتم تعجزون حتى عن تحقيق زيادة للمتقاعدين أكثر من 75 ديناراً، والله راتب الشغالات هذه الأيام أكثر من 75 ديناراً!نعرف بعض النواب «رجال وكفو» لكنهم اليوم يهيجون على الوزراء ويقولون لهم «أنتم السبب في أن الناس تهاجمنا»، بيد أننا نعيد القول لهؤلاء النواب الكرام وأعني من نراهم تحترق قلوبهم بأن اللوم يقع على زملائكم النائمين في العسل لأدوار انعقاد متلاحقة، اللوم يقع أيضاً عليكم لسكوتكم عليهم وعدم نصحهم ومطالبتهم بتصحيح أسلوب عملهم الخاطئ، اللوم يقع على من يتضايق بأن الناس تنتقده وأن وزراء الدولة يلعبون بحسبته وهو مازال جالساً في مكانه، استقيلوا وسجلوا موقفاً أقلها. لم ينتخبكم الناس ليستلم كل واحد منكم في كل عام تقريراً لديوان الرقابة المالية بحجمه الضخم وكل صفحة تقول «عندي الزود» من الفساد، ثم تضعون ذلك على الأدراج ليعلوها الغبار أو تلقوا اللوم على جهات أخرى، حتى تكدس الفساد وأهدرت ملايين في سابع المستحيلات أن يكون لها استرداد أو رجعة، ثم بعدها المواطن الضحية حينما يسقط في أيديكم جراء وجود عجز، وعجز اكتواري وإرهاق في الميزانية، أنتم الملامون وليس الوزراء المعنيون الذين كسبوا المواجهات معكم بالأخص مع من يتقهوى ويتسامر معهم وكأنهم موظفين لديهم لا نواب يفترض أن الوزير يرتعد أمامهم لو كان قطاعه مشبعاً بالأخطاء.الآن الناس هي من تدفع ضريبة هذا الاستهتار الذي دام طوال عقد، ولا تقنعوهم بإنجازات لا ترتبط بحياتهم مباشرة، لا تقنعوهم بحدائق أقيمت هنا وهناك، الناس لن تأكل الحشيش، لكن يبدو أنه بسبب هذا الهزال في الأداء ستأكل الحشيش والتراب تحته.من هو متفائل اليوم نتمنى ألا يرفع سقف التفاؤل حتى لا يصاب بجلطة، النواب سيرفضون تمرير الميزانية وفقا لحسبة الرافضين، والتي قد يكون عددها تغير منذ الليلة الماضية باتجاه النقصان خاصة مع بعض التصريحات «اليائسة» والتلميحات «الانهزامية» التي صدرت من بعض النواب.الخبر المعني باجتماع اللجنة المالية فيه مؤشرات واضحة بأنك يا مواطن «مخذول مخذول مخذول»، خاصة حينما يقول أحد النواب بأن «المواطن البحريني على درجة كبيرة من الوعي والاهتمام، ومصلحة وطنه يجب أن تأتي على رأس ألولوياته»، يعني بالبحريني الفصيح يا مواطن حتى «لو مشيت بوزك» من أي «فلس أحمر» أهم شيء مصلحة وطنك فيما يتعلق بوضع البحرين المالي والذي لم «يهوي» به سوى مفسدين ومتنفذين وحتى النواب أنفسهم الذين بمزاياهم وتقاعدهم و»كشختهم» و»رزتهم» ساهموا فيه.طيب، أنا ممن يراعي مصلحة وطنه وأتحدث باسم كثير من المواطنين يشاركونني نفس الهم، أقول من أجل المصلحة العامة للوطن بيعوا سياراتكم واعطوا مبالغها الدولة لتضعها في الميزانية، أقول حاسبوا «ناهبي» المال العام في تقرير ديوان الرقابة والزموهم برد الأموال لتصب في الميزانية، بل طالبوا «طيران الخليج» بإرجاع الملايين التي حرقتها حرقا، لحظة هنا، طيران الخليج تراعي المصلحة العامة للوطن أكثر من المواطن بالتالي هي «تدك» الميزانية «دكا» كل عام. نائب آخر يقول بأن النواب نظروا للموازنة نظرة مهنية واحترافية! وهنا أتساءل: هل هي نفس النظرة الاحترافية المعينة بأموال طيران الخليج، أو أموال إنشاء الحدائق (والله البحرين نسفت أسطورة حدائق بابل المعلقة) أو نفس النظرة الاحترافية لمبنى البرلمان الجديد الذي سيكلف الملايين وبإمكانكم اقتراح البقاء في مكانكم وتحويل المبلغ للناس مباشرة، أم أنها النظرة الاحترافية المعنية بـ»المارشال الخليجي» الذي توازعته الوزارات بينها وعلى مشاريع بعضها كان وليد اللحظة لأن المال موجود؟!أي نظرة احترافية يا جماعة، تقارير الرقابة المالية وحدها تثبت بأنه لا احتراف ولا غيره موجود، كل ما هو موجود صراخ وكلام واستعراضات على حساب المواطن، اعطونا شخصاً واحداً قال «أستقيل» احتراماً لهذا المواطن.ليس كلامي هذا يعني أنني أبرئ ساحة الدولة، بل الدولة تلعب معكم «سياسة»، تحاول أن تكسب الجولات أمامكم، وهي تكسب لأن من في المقابل يهادن ويعلو صوته ويخبو ولا يقدم الأولويات ويصر عليها، بالتالي «اللي تغلب به .. العب به»، حتى وزارة المالية غيرت أقوالها بشأن الميزانية ولا افتكرت فيكم، مع الاحترام الشديد لكم، والله أحاول الاحترام قدر الإمكان، رغم أننا كمواطنين بتنا مقتنعين أن احترام كثير من النواب لنا تخبر مع إعلان نتائج الانتخابات. عموماً يا مواطن، النواب انتقلوا من مرحلة «المناوشة» مع الدولة بشأن الميزانية إلى التبرير لكم بأن الوضع عسير وصعب، بالتالي من يريد زيادة تصل لـ75 ديناراً شهريا ًلا يملك إلا حلاً واحداً اليوم، أن يستقيل هو تحت مسمى التقاعد، طالما أن من خذلنا لعقود لا يريد مفارقة الكرسي النيابي ولا يعترف بشيء اسمه استقالة أدبية لفشله في تحقيق شعاراته التي دغدغ مشاعر الناس بها.