الوفاق والجماعات الراديكالية الأخرى التابعة لها تكرر بين وقت وآخر ضرورة التزام حكومة البحرين بتنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان بجنيف بعد المراجعة الدورية الأخيرة التي تمت خلال سبتمبر الماضي. عندما تكرر ضرورة التزام حكومة البحرين، فإنها تقصد طبعاً مجموعة من المطالب التي ترى أنها تخدمها فقط، ولكنها دائماً ما تحرص على تجاهل توصية مهمة من توصيات جنيف، وهي ضرورة إقرار القسم الجعفري من قانون الأحكام الأسرية لاستكمال القانون برمته. الوفاق والجماعات الراديكالية التابعة لها دائماً ما تحرص على تجاهل أي توصية أو اقتراح أو بيان أو تصريح يتعلق بقانون الأحكام الأسرية، ليس لعدم إيمانها بضرورة عدالة الأحوال الشخصية للمكون الشيعي، وإنما لاعتبارات سياسية تتجاوز الدين بكثير. فمتى ما أقر القسم الجعفري من قانون الأحكام الأسرية انتهى نفوذ هائل للمؤسسة الدينية التي يرأسها عيسى قاسم، وهذا ما يفسر إصرار الوفاق بكوادرها وجماهيرها منذ نحو عقد على مناهضة أي مشروع قانون الأحكام الأسرية بقسمه الجعفري دائماً، ومن أبرز محطات هذه المناهضة ربط إقرار المشروع بضمانات «دستورية» طبعاً هذه المحطة كانت قبل أزمة إسقاط النظام. مجلس حقوق الإنسان في جنيف يوصي مملكة البحرين بإقرار القسم الجعفري من قانون الأحكام الأسرية باعتباره من متطلبات حقوق الإنسان، والحكومة تعلن التزامها بتنفيذ هذه التوصيات. والوفاق أيضاً تطالب الحكومة بتنفيذ التوصيات، ولذلك يجب تنفيذ جميع التوصيات بما فيها توصية إقرار القسم الجعفري من القانون نفسه. خلال العقد المنصرم تم التعامل مع القانون نفسه بمزيد من المجاملة السياسية، وأعتقد أن هذا التعامل انتهى وقته من دون رجعة. لدينا الآليات الدستورية، والسلطة التشريعية من حقها إقرار ما تشاء من القوانين والتشريعات، وهذا هو دورها، وينبغي عدم تجاهل هذا الدور، أو عدم تفعيله وفق مجاملات سياسية لن تكون لها نتيجة. معركة كسر العظام تتطلب مزيداً من التكتيكات باعتبارها استراتيجية، وإذا كانت الدولة اتخذت عدة تكتيكات غير تقليدية خلال الفترة الماضية مثل إسقاط الجنسية، والحزم الأمني، واللجوء إلى القضاء، فإن هناك تكتكيات أخرى يجب الحرص على تنفيذها، فلا يمكن بأي شكل من الأشكال تحقيق الهدف النهائي من المعركة الصامتة الدائرة حالياً دون تقديم تضحيات تتجاوز المجاملات السياسية. القرار صعب، وهو متروك لأصحابه. ولنتذكر إذا كانت الوفاق تطالب بتنفيذ توصيات جنيف، فإننا أيضاً ندعم هذا المطلب باعتباره مطلباً وطنياً، ولكننا لا نطالب بتنفيذ بعض هذه التوصيات كما تحاول الوفاق، بل نطالب بتنفيذ التوصيات التي قدمت الحكومة وعوداً بشأنها، بالإضافة إلى تنفيذ توصية إقرار القسم الجعفري من قانون الأحكام الأسرية.