لا بد في البداية أن نقف تحية وإكراماً لدولة الإمارات العربية المتحدة حكاماً وجيشاً وشعباً، نقف لهذه الدولة الشقيقة التي وقفت وقفة سيسجلها التاريخ في صفحاته الخالدة، يذكر فيها هذه المواقف، التي لم تتشابك فيها أيادي القيادتين والشعبين فحسب، بل تشابكت قبلها أرواحهم واختلطت فيها دماؤهم، فها هي بحرين الإمارات، وإمارات البحرين، شكراً للإمارات حكاماً ومسؤولين، شكراً على منعهم كريستيان كوتس أولريخسن من دخول الإمارات، شكراً يا إمارات الخير، إنه والله لخبر يثلج الصدر، ويطمئن النفس، حين نقرأ كلمات تربي الثقة، وتحمي الهمم، وها هو ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي يقول لصحيفة «الرياض» السعودية كلاماً يحب أن يسمعه شعب البحرين، يقول ضاحي خلفان: «هذا إجراء طبيعي وعرف متبع في جميع الدول التي تحترم أنظمتها وسيادتها، وما اتخذ ضد كريستيان هو إجراء وقائي احترازي متبع من قبل كل الدول المعترف بها، سواء الغربية أو العربية، ولو حصل العكس لمنع من الدول الغربية، لأن هذا الشخص تطاول كثيراً على أمن وسيادة بلداننا الخليجية، ومنها الإمارات ومملكة البحرين، وقد تمادى كثيراً في النيل من سمعة وسيادة بلداننا»، نعم يا ضاحي، كم يؤلمنا هذا التطاول وكم يؤرقنا، ويجهش نفوسنا التي أضناها القهر، صبرنا وكتمنا كرامة لحكامنا، كرامة لولاة أمورنا، ولكن تبقى النفس بداخلها حزناً متغلغلاً، عندما نرى القاصي والداني، و»السافل» و»المنحط»، وأفواه قبيحة تتطاول على البحرين، في كل المحافل والمؤتمرات، وعلى القنوات الفضائية، والإذاعات العربية والأجنبية، بل ويصل هذا التطاول والتدخل والتمادي إلى داخل البحرين، فهذه الوفود الأجنبية والمنظمات الحقوقية التي اصطفت مع أصحاب المؤامرة الانقلابية ليس سراً بل علانية، تعلن تضامنها مع ميليشيات صفوية، وشخصيات بحرينية، تتبع تعليمات المرجعية الإيرانية، تعلن تضامنها وتسجلها دون رادع أو تراجع، واليوم يا دولة الإمارات، وجدنا أن منعكم لهذا الشخص الذي نعلم لماذا يتدخل، ولماذا أراد أن يتحدث عن الأحداث السياسية في البحرين، منعكم سيكون درساً له ولغيره، كما سيكون دافعاً ومشجعاً لجميع الدول الخليجية، أن تتصدى لكل شخصية متطاولة، مهما بلغت مكانتها، وأن تمنعها من دخول أراضيها، ليعرفوا أن هذه الدول هي صف واحد، وأن الإخلال بأمن أي دولة، هو إخلال باستقرار وأمن دول الخليج جميعها.ومن هذا الموقف الشجاع لدولة الإمارات، نرجو أن يكون سبباً لقطع كل لسان، وبتر كل يد، وقطع كل أصبع يمتد، أو حتى يشير إلى البحرين، وأننا نتمنى من مملكة البحرين أن تتصدى لكل شخصية أو منظمة حقوقية، وقفت مع قادة الانقلاب، سواء بمحاضرة أو بمكاتبة أو بتقارير، وأن أي شخص يعتمد على معلومات من مصادر المعارضة التابعة لإيران، أو أي منظمة يجب أن يمنع دخولها البحرين، مهما كان ثمن هذا المنع، فالشعور بالاستقلال والسيادة هو شعور لا تعادله حتى الروح، وذلك حين يشعر المواطن بأنه سيد أرضه، وأنه لا أمر عليه إلا من حكامه وولاة أموره، وإن إحساس المواطن باستحسان الدولة لهذه المنظمات ومجاملة لأمثال هذه الشخصيات المأجورة يشعر المواطن بالإحباط، ويثير في نفسه الخوف والارتياب، من قدرات بلاده ومصيرها المجهول، الذي لا يعلم ماذا ستكون نهايته؟إن جرأة المواقف هي التي تخلق الروح الوطنية في نفس المواطن، حين يشعر أنه يستند إلى دولة، لا تجاري ولا تماري، على سيادتها أو كرامتها، فمبدأ حفظ الأمن وسيادة البلاد هو مبدأ راسخ، منذ الجاهلية الأولى، حتى جاء الإسلام ورسخه الله في كتابه في قوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين»، وإنها اليوم الغلظة والشدة، التي لا بد أن تظهر لأولئك، الذين تمادوا إلى حد لا يمكن السكوت عليه، فالسكوت عنهم والتجاهل يقويهم، ويطول أيديهم وألسنتهم، وغداً أسلحتهم. ودول الخليج على العهد لن تتراجع عن الدفاع عن سيادتها، وهذه مقدمة لتأسيس «اتحاد خليجي»، تحسب حسابه أمريكا، بعدها سينقطع لسان كريستيان وغيره.إن هذا الموقف لهو خطوة في مشروع الاتحاد الخليجي، الذي يجب أن يعلن اليوم قبل غداً، فالوضع السياسي في البحرين هو سببه سعي البعض للاستفراد بالبحرين، وذلك حين تكون دولة تحيطها المياه، ولا يصلها إلا جسر وحيد، وقد رأيتم كيف حاولت هذه القوى المتآمرة تفجير هذا الجسر، وذلك لقطع الإمداد العسكري عن البحرين، إن الاتحاد سيضع كريستيان وخامنئي ودولهم في زاوية حرجة، لا يمكنهم التحرك فيها أو التمدد منها، فشكراً يا دولة الإمارات، شكراً لهذا الموقف الجريء، الذي لن ينساه لكم شعب البحرين، فمواقفكم الخالدة في قلوبنا كثيرة، لا يمكن عدها ولا سردها، ولكن لا بد أن نسجل شكرنا وتقديرنا لهذا الموقف بالذات، الذي جددتم من خلاله نبض قلوبنا، وأحييتم الأمل في نفوسنا، وإننا هنا لنتمنى أن يكون منع كريستيان رسالة تعلق على جميع منافذ دول الخليج برية وبحرية وجوية، يتبعها إعلان كبير غداً عنوانه «الاتحاد الخليجي».