هذه الكلمات جزء من أغنية «ثورية» يتم نشرها في مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي كمؤثرات صوتية ترافق الأفلام التي يتم تصويرها للشباب، وهم ينفذون «الهجمات الحيدرية» على رجال الأمن بالمئات من زجاجات المولوتوف الحارقة، حيث الأغنية تطالب الشباب بأن يقووا قلبهم ولا يرحموا، وأن يطلقوا نيرانهم ليوقعوا أكبر عدد ممكن من الإصابات في صفوف «العدو»!لكن بالمقابل يعبر كل من يقف مع هذا الطرف عن استيائه من طريقة معالجة وزارة الداخلية للأحداث التي ما عادت قابلة للتوقف في شوارع البحرين، وكأن لسان حالهم يقول «خلونا نتولى رجال الأمن، ونطلق عليهم النيران من دون أي رحمة أو شفقة، وعليكم ألا تحركوا ساكناً»! ترى كيف يراد من رجال الأمن أن يرحموا من ليس وارداً لديه أن يرحمهم، ويطلق نيرانه عليهم ويعرضهم للموت في كل لحظة؟ تناقض لا يحتاج إلى تفسير، ويعبر عن قلة وعي، لأنه ليس منطقياً أبداً أن يقبل طرف أن يتلقى الضربات من الطرف الآخر، من دون أن يحرك ساكناً. أفلام الفيديو هذه تكشف صعوبة الوضع الذي يجد رجال الأمن أنفسهم فيه، حيث المواجهات تكون وجهاً لوجه في مناطق شبه مغلقة، والشباب يرمونهم بالحجارة وبزجاجات المولوتوف، وبكل ما تصل إليه أيديهم بقوة ومن دون رحمة، وبالتالي لا يكون أمام رجال الأمن سوى التعامل مع الموقف، بتوظيف ما يتيحه لهم القانون.بالتأكيد ليس مطلوباً من رجال الأمن الوقوف مكتوفي الأيدي وتلقي الضربات لأنهم لم يتواجدوا في تلك الأماكن لهذا الغرض فتواجدهم هو للحد من تجاوز القانون. ليس من المنطق مطالبة رجال الأمن بعدم التعامل مع الموقف، وهم يرون الشباب مقبلاً عليهم، وبأيديهم زجاجات المولوتوف والحجارة وغير ذلك. الوضع الطبيعي أنهم يحمون أنفسهم ويسعون إلى فرض النظام بالقوة وإلا تكون وزارة الداخلية قد جنت عليهم، فوجودهم في تلك الميادين ليس لمجرد التواجد، وليس شكلياً وإنما لضبط الأمور. ليس عدلاً مطالبة رجال الأمن بالتواجد لتلقي النيران التي لا ترحم، وليس عدلاً قبول سقوط جرحى وقتلى منهم، وعدم قبول سقوط جرحى وقتلى من الطرف الآخر، وبالتأكيد ليس عدلاً مطالبة الحكومة بإبقاء رجال الأمن في بيوتهم، بينما لايزال الشباب يقطعون الشوارع ويشعلون إطارات السيارات فيها، ويعطلون حياة الناس ويسعون لتخريب الاقتصاد وشل البلد. ليس عدلاً السماح لنفسي لأفعل ما أشاء، كيفما أشاء، في الوقت الذي أشاء، وفي نفس الوقت أطالب الحكومة بألا تحرك ساكناً، وتتركني لأفعل ما أشاء على كيفي. ليس مقبولاً من الحكومة التعامل بلطف مع شباب لم يعد يهمه ما يجري في البلاد وعليها، وليس مقبولاً منها الوقوف في موقف المتفرج، وإلا ضاعت هيبة الدولة وانتهت. ترى كيف سيتعامل هؤلاء الذين يطالبون الحكومة اليوم أن تتركهم على كيفهم يفعلون ما يشاءون لو كانوا هم المسؤولون في الحكومة؟ هذا سؤال افتراضي ولكن ينبغي ألا يتهربوا منه، وأن يجيبوا عنه بكل صراحة وواقعية. بالتأكيد ليس منطقاً أن يقولوا إنهم كانوا سيتركون الشباب يفعل ما يريد، وإنهم سيتركون السلطة فور أن يسمعوا منهم أن الشعب يريد إسقاطهم، فمثل هذا الكلام قاله غيرهم، من قبل ولم يصدق وهو كلام «مأكول خيره»، وإلا لما شاهدنا ما يفعله رجال الدين في إيران في المتظاهرين الذين «قص عليهم الشيطان»، وجعلهم يطالبون الحكومة الإيرانية بإصلاحات!ليست هذه دعوة للمعالجة الأمنية، والضرب بيد من حديد، ولكنها دعوة للطرف الآخر كي يهدأ قليلاً، ويتوقف عن ممارسة العنف في الشارع، وعدم الدخول في مواجهات مع رجال الأمن، والتوقف عن الاستجابة لدعوة «أطلق نيرانك لا ترحم».