في ظاهرة قل نظيرها، وأمام الجماهير التي كانت تتابع مباراة نادي الجزيرة الإماراتي، ونادي تراختور في ملعب ساهند، وكذلك الذين كانوا يتابعونها عبر البث المباشر على القنوات الفضائية، ومن تبريز عاصمة إقليم أزربيجان غرب العاصمة الإيرانية طهران، يوم الثلاثاء الماضي 26 فبراير 2013، رفعت بعض الجماهير لافتات كبيرة كتب عليها باللغة الإنجليزية عبارة «أزربيجان ليست جزءاً من إيران».هذه الظاهرة تعتبر جرس إنذار لمسؤولي الدولة الفارسية في إيران، لأنها تشير إلى طموح الشعب التركي في إيران، فيما يتعلق برغبته في تقرير مصيره، وربما إنشاء دولته الخاصة، كما يحب المواطنون الأتراك تسميتها بـ»أزربيجان الجنوبية». وللأتراك تاريخ طويل وحافل بالتجارب السياسية خاصة في القرن الأخير من عمر الدولة الإيرانية، كما لهؤلاء يد طولى في الاقتصاد الإيراني وكذلك بمؤسسة الجيش. ولكن ماذا عن هذه الظاهرة، والشعار الراديكالي الذي رفعه جمهور نادي تراختور، وهل من حالات مشابهة حدثت في أماكن أخرى؟الجواب، نعم، قبل أكثر من 30 عاماً، هتف جمهور نادي رفيش الأحوازي، بشعارات تتشابه تماماً مع ما هتف به جمهور نادي تراختور، حيث ردد جمهور نادي رفيش، الذي كان يمثل منتخب الأحواز في جميع مبارياته، وخاصة أمام الأندية الإيرانية، حيث كان له الحظ الكبير في الفوز، أمام أكبر الأندية الإيرانية وكان يردد حينها الجمهور الأحوازي «أهزوجة» معروفة لدى المواطنين العرب ألا وهي: «يعقال إنسوي لك هيبة»، ولغير الأحوازي، معناها: «يا أيتها العقال، سنجعلك مهيوباً عند الآخرين «الفرس»». وتتردد هذه «الأهزوجة» أو «الهوسة» كما يسميها الأحوازيين في حالات معينة، ويتبنى مرددوها ذلك من أجل النخوة العروبية والقومية لتحقيق مطلب ما وخاص من ضمن المطالب السياسية التي لدى الشعب العربي الأحوازي، ومنها المطالبة بالاستقلال عن دولة إيران، وتشير «الهوسة» إلى العقال والكوفية كرمز العروبة لدى المواطن الأحوازي، ولهذه «الهوسة» تاريخ معين في القاموس السياسي الأحوازي. استعار الجمهور الأحوازي هذه «الهوسة» والشعار الذي ردده أمام الأندية الإيرانية غير العربية، من القاموس السياسي الأحوازي، وفي شرحه لإحدى انتفاضات الشعب العربي الأحوازي التي قادها محيي الزيبق حيث «استشهد» خلال الانتفاضة ضد الجيش الإيراني وهو يردد: «يعقال نسوي لك هيبة»، وذلك إبان حكم رضا شاه الأول بعيد احتلال الأحواز.كما للشعار الذي ردده جمهور نادي تراختور نماذج أخرى، مثلاً، حيث رفع جمهور نادي برشلونة الذي يمثل إقليم كتالونيا في إسبانيا، لافتات كبيرة وباللغة الإنجليزية مكتوب عليها «كتالونيا ليست جزءاً من إسبانيا»، وحدث هذا الأمر عدة مرات من قبل جمهور برشلونة، وفي تحد غير مسبوق، استطاعت هذه الشعارات أن تتدفق من مجرد كلمات على لافتات بيد شباب شبه مشاكسين، إلى عقول المواطنين في كتالونيا، ومن ثم أدت باستمرار مطالبات شعب «الباسك» أي سكان كتالونيا في إسبانيا، إلى أن صوتوا لصالح مرشحي حزب التحالف القومي الكتالوني، وهو الحزب الحاكم في الإقليم، ووعد الحزب بإجراء استفتاء على انفصال كتالونيا عن إسبانيا. وترفع جماهير برشلونة في مبارياته في الدوري الإسباني ومسابقة دوري أبطال أوروبا شعارات ولافتات كبيرة تحمل في مضمونها أن «كتالونيا ليست إسبانية»، مع صافرات استهجان ضد العلم والنشيد الوطني الإسباني تعبيراً عن الرغبة في الاستقلال عن إسبانيا.ولكن ما حدث في الأحواز قبيل 3 عقود، أدى بتفكيك نادي رفيش وسجن اللاعبين، واعتقالات طالت البعض من جمهور النادي، والنتيجة تغييب دور الرياضة لعدم تنمية الروح الوطنية لدى المواطن الأحوازي.وفي إسبانيا وتحديداً إقليم كتالونيا أدت هذه الشعارات إلى تبني الأحزاب الكتالونية حق تقرير المصير والعمل على إجراء استفتاء كما أشرت مسبقاً، واليوم في تبريز غرب العاصمة طهران، الجمهور الأزربيجاني يطالب بحقوق تتشابه مع مطالب كتالونيا وربما بلغة راديكالية أكثر.ترى هل أمام إيران مستقبل يختلف عما هي عليه الآن؟ من الواضح أن هناك حراكاً تحررياً واسعاً لدى الشعوب غير الفارسية ينمو لحظة تلو الأخرى، وتحديداً في موطن الأتراك الأزربيجانيين، وهناك عدد كبير من الأحزاب التحررية التي تدعو إلى الاستقلال عن إيران، وتأسيس دولة جديدة في المنطقة، وهكذا حال العرب في الأحواز والأكراد والبلوش والتركمان. يبدو أن الأيام حبلى بالمفاجآت، حيث من ملعب الشعب في الأحواز، وصولاً لملعب برشلونة، حتى ملعب ساهند في تبريز، تنوعت الهتافات وتغيرت المفردات، ولكن ظل الشعار واحداً وهو، «الأحواز وتبريز ليست جزءاً من إيران»، و»كتالونيا ليست جزءاً من إسبانيا».