على الرغم من الهزات المتتالية والقوية التي يتعرض لها المجتمع في البحرين، على أيدي الطائفيين والعابثين بوعي المجتمع من كل أطراف الصراع السياسي والديني، من تضليل وفتن كبرى، فإنه مازال يحتفظ بوهج الوعي الذي نشأ عليه وتربى تحت ظلاله، ومازال يدين إلى التماسك الحديدي الذي خُلِقَ سوياً بين إنسان هذه الأرض وبين مبادئه وقيمه.كل من حاول أو يحاول أن ينال من وعي هذا الشعب الكبير، عبر بث الفرقة وإشعال الفتنة ونشر ثقافة الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، فإنه لم ولن ينجح. ربما يتأثر البعض من ضعافي الأنفس للهزات والنكسات السياسية والطائفية، إلا أن عموم المجتمع البحريني هو أصلب عوداً من أصوات الفتنة، لأن ما جُبل عليه هذا الشعب، أنه شعب واحد لا شعبين.قلنا ربما يتأثر بعضهم من «الجلبة» الحاصلة من الغوغائيين ومن الفوضويين ومن صنَّاع الفتن ومدبريها، وهذا الأمر يحصل في كل المجتمعات ويتكرر في كل الأزمان، لكن في المجمل، يظل المجتمع الكبير كبيراً، مهما ثارت في وجهه عواصف الهيجاء والمحن.كل شيء من الصخب والصراخ يبدأ في بدايته الأولى بصورة مهولة، ثم حين لا يجد له آذاناً صاغية ولا مناخاً مناسباً للتكاثر، يبدأ في التراجع أو حتى الانسحاق.الطائفيون والتويتريون «من يشعلون نار الفتنة في موقع تويتر»، والانستغراميون «نسبة إلى أنستغرام» وكل عرَّابو الفتن، سيكنسهم الناس قبل أن يكنسهم التاريخ والواقع، لأن المجتمع القوي، ربما يمرض، لكنه لا يموت حتماً.على سبيل المثال، أنشأ الكثير من أبناء هذا الوطن، حسابات لهم على موقع «تويتر» من أجل المساهمة والمشاركة الفعَّالة فيما ينفع الناس والوطن، فقاموا بهذا الأمر من أجل إبداء رأيهم بكل حب وصدق، لكنهم «وهنا زبدة القول» حين رأوا أن بعض المنتشرين من الطائفيين والمفتنين في «تويتر» يفسدون ولا يصلحون، ويفرقون ولا يقربون، ويكرهون ولا يحبون، ويضربون من تحت الحزام ولا يعالجون، فضَّلوا الرحيل عنه بصمت الحكماء، من أن يظَّلوا قابعين في صف واحد مع الشتَّامين والسبَّابين من الدهماء وهوامش القوم.في وسط الزحام، لا نسمع سوى الصوت المرتفع، لكن ولمجرد أن يزول غبار الفتنة، نجد أن العاقل يعود من حيث جاء، إلى حيث السكينة والفضيلة، وهو تماماً ما يفعله البحريني، فحين يشتد عليه الضغط، وزوبعة القيل والقال من الحديث، فإنه يحسم أمره بالحب والصدق وبكل القيم الجميلة، وهذا هو مقياسه للحق، وهذا هو معيار المعايير عنده.ستذكرون ما أقول جيداً، وستذكرون كلام الله قبل كلامي حين فصل تعالى ملاحم الفتن البشرية لنتعظ منها في الأمثال فقال (أنـزل من السماء ماءً فسالت أوديةٌ بقدرها فاحتمل السيل زبدًا رابيًا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبدٌ مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال)، وهنا، ليس بعد قوله تعالى من قول يقال.