من المهم أن يظل الفن ملتزماً بالقيم الإنسانية وأن يقدم نفسه كداعم لكل قضايا الإنسان على الأرض، وأن يبدي مسؤوليته الأدبية والأخلاقية تجاه كل ما يتعلق بالوقوف مع العدل والحق.إن من أبرز القضايا التي يمكن للفنان العربي أن يلتزم بها؛ هي القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى، فإن تكون فناناً هو أن تقوم بمعالجة الواقع عبر ما يمكن طرحه من غناء راق وملتزم بقضايانا العربية وما أكثرها، بعيداً عن الإسفاف والاستخفاف بواقع المجتمعات المصابة بداء التشرذم والتمزق.لسنا معنيين هنا، وفي هذا الحديث تحديداً، عن القضايا المتعلقة بالحب والغناء على المحبوب والفراق وكل ما يتعلق بالعاطفة الإنسانية المجردة، بل ما نحاول الحديث عنه هنا أمر مختلف تماماً، وهو أن يظل الفنان العربي ملتزماً بقضايا أمته خصوصاً القضية الفلسطينية. لا يمكن لأي فنان أن يغني عن فلسطين وأطفالها من الجياع والمشردين وهو يملك من الثروات الملايين دون أن يقوم بالتبرع بفلس لمن ينعاهم في أغانيه، كما لا يمكن أن نستوعب أن تقوم مغنية عربية تلبس فستاناً مرصعاً بالألماس والذهب يقدر بالملايين وهي تتصنع البكاء على أطفال العرب وفلسطين.هذا التناقض بين الفنان وقضاياه يعني هو الفرق بين الفن الملتزم والفن التجاري، حيث يعلم الكثير من هؤلاء الفنانين العرب أن طريق الشهرة والمجد عادة ما يمر عبر القضايا الملتزمة وليس عبر الفن غير الملتزم، وحين يتحصل «الفنان التاجر» على مبتغاه من النجومية يبدأ في حصد الملايين، والسبب أنه غنى فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها من دول النكبة أمام جمهور يعشق النجوم وحسب!كيف نقتنع بغناء قومي وعربي لقضيتنا الأم «فلسطين» من فنانة تمتلك من الثروات ما لا يحصى ولا يعد؟ وكيف لنا أن نصدق فنانة تبكي في أغانيها العربية وهي لم تدفع لحد الآن فاتورة مكياجها للصالون وثمن فستانها للخياط، كما إن قضاياها تملأ المحاكم والمجلات بفضائحها؟لا يمكن أن يتقبل المشاهد والمستمع العربي فناً كبيراً لفنان هابط، فالفن يعتبر رسالة والتزاماً ومسؤولية، أما إذا كانت فلسطين وغيرها من قضايا العرب جسراً للشهرة ومعبراً للمجد وتحصيل الملايين فلا خير في هذا الفن.أيها الملياردير المغني؛ حين تغني للفقراء فتبرع، وحين تغنين أيتها الفنانة العربية بفستان لا يقدر بثمن فاعلمي أن فلسطين لن تعود لأصحابها بهذا الفن الشكلي والمبتذل.لا يكون الفنان مزعجاً للظلم إلا حين يكون ملتزماً وصادقاً مع نفسه وجماهيره، قبل أن يكون حصالة للمال.