ثار جدل حول تعاطي أعضاء مؤسسة حقوق الإنسان مع موضوع الطفل الذي تعرض للدهس أثناء قيامه بقطع الطريق العام بالإطارات من أجل إشعالها.وقد تكون المرة الأولى التي يرى فيها أحد هؤلاء الملثمين وجهاً لوجه ويتحدث معهم، ممن نصادفهم في الشارع أو نراهم في اليوتيوب وهم يحملون الإطارات ويسكبون عليها الزيت ويشعلونها قاطعين بها الطريق العام.هذه هي المرة الأولى التي يتعاطى فيها أحد غير رجال الأمن وغير المحامين وغير القضاة، الذين اعتادوا التعاطي معهم في أروقة المحاكم وفي المحابس بعد إلقاء القبض عليهم. هذه هي المرة الأولى التي يتعاطى فيها عضو سلطة تشريعية أو عضو مؤسسة حقوقية مع هذه الشريحة، أي مع «وقود» الاحتجاجات السياسية وحطبها المحروق، فهذا الطفل لا يفرق عن كونه مجرد «تاير» ضمن «التواير» التي يحرقها يستفيدون منه حياً وميتاً، فلا هو الذي يعرف الحكومة المنتخبة ولا هو الذي يعرف من هم هؤلاء الذين في الحوار ولا على ماذا يتحاورون، ومن المضحك أن يسأله أحد حتى عن أسباب قيامه بقطع الطريق العام وإشعال النيران وتعريض حياته وحياة المارة للخطر.قد يكون هذا الطفل هو مدخلنا هو حالة قابلة للدراسة عن قرب لكيفية انحدار العمل السياسي أو حتى المسمى «نضالي» إلى درك أسفل من الانتهازية الأخلاقية، كي يكون طفل مثل هذا ورقة تستخدم لصفقات سياسية، ولا تتورع عن استخدام هذا الطفل حياً أو ميتاً، فإن قام بما أوكل إليه من حرق وقتل فتلك الممارسات ورقة ضغط، وإن قبض عليه، فورقة ضغط حقوقية، وإن قتل فجنازته وصورته تصلح لمزيد من الضغط، لا فرق بينهم وبين الجماعات الأفريقية التي حملت الأطفال السلاح وألقت بهم في أتون الحروب.أرجو ألا يقتصر دور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان على مجرد تسجيل نقاط من خلال تصوير الزيارات أو إطلاق التصريحات، ولا أن يقتصر دورها على التأكد من علاج الطفل وطمأنته وطمأنة ذويه أنه لن يحقق معه ولن يعاقب، ولا أن ينظر له على أنه «الآن» طفل خائف ومذعور نتيجة تعرضه للاصطدام وخوفه من تلقي العلاج.هذا الطفل لا يزيد عن كونه حجراً من أحجار الشطرنج لعب بها الكبار، وهو في يد المؤسسة الوطنية الآن تدرس حالته، ودورها الهام لابد أن يكون في وضع تصور لتوظيف حالة هذا الطفل كمدخل لنزعها من يد الكبار.إنني أحمل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان مسؤولية كشف اللعبة القذرة التي لعبتها الجماعات السياسية في استغلال الأطفال وتوظيفهم، لقد تحولت السياسة على أيدي هؤلاء إلى شبكات للتجارة بالبشر توظف فيها أجساد الأطفال الصغار حية وجثثهم ميتة من أجل أغراض سياسية.على المؤسسة أن تلم بقضية هذا الطفل إلماماً تاماً، وتكشف الكيفية التي تم فيها انخراط الأطفال في الأعمال الإجرامية، كيف «أقنعت» الجماعات السياسية طفلاً بهذا العمر أن يقطع الطريق ويشعل النيران.نحن أمام مئات الأطفال يقومون بهذا العمل يومياً، من جندهم، من هو صاحب الشبكة؟ من هو التاجر؟. حماية الأطفال والحفاظ على حقوقهم من الاستغلال الجشع لهم في أعمال الاحتجاجات السياسية الآن أهم بند على جدول أعمال المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والطفل الذي نقلوه للمسشتفى مدخلهم.
Opinion
الطفل المدهوس مجرد «تاير» ضمن «التواير»
03 مارس 2013