فقط في البحرين، كلية الجراحين الأيرلندية تتدخل، فقط في البحرين، منظمة «أطباء بلا حدود» تعقد الندوات والمؤتمرات لتتحدث على حسب زعمها عن «الأخلاقيات الطبية والمعضلات في الخلاف السياسي البحريني»، فقط في البحرين، تجد هذه المنظمات المساحات، أما في العراق فلا يحدث ذلك، العراق الذي قتل فيه نحو أكثر من 1000 طبيب وهجر منهم الكثيرون، وهاجر كل من أراد أن ينجو بحياته من سكين القتل الطائفية، التي نحرت الأطباء والممرضين، دون أن نسمع لمنظمة «أطباء بلا حدود» أي صوت، ولم نسمع لكلية الجراحين الأيرلندية، أنها قامت بأية زيارات، أو كتبت أية تقارير، اختفت أصواتهم، وماتت تقاريرهم، أما في البحرين فهذه المنظمة ومعها كلية الجراحين الأيرلندية تنشط من أجل أطباء احتلوا أكبر مستشفى في البحرين، وجعلوا منه قاعدة عسكرية إيرانية، ومنع فيه علاج المرضى، وحولت ساحات المستشفى إلى احتجاجات ومظاهرات، وإلى مقرات إعلامية وقنوات فضائية تبث مباشرة على قناة «العالم» الإيرانية، هذا ما فعله الأطباء الذين تتباكى عليهم اليوم منظمة «أطباء بلا حدود» وكلية الجراحين الأيرلندية، وقد أعلن رئيس جامعة البحرين الطبية استقالته بعد أن أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود» قرارها بإلغاء الاجتماع الدولي الذي سيتحدث فيه على حد زعمها، «خبراء في مجال حقوق الإنسان عن الأخلاقيات الطبية في حالات الخلاف السياسي»!هذه المنظمات لم نقرأ تقاريرها وملفاتها عن بلاد أخرى، ولم نسمع لها أي صوت، إلا في البحرين، أتعرفون لماذا؟ لأن البحرين رحبت بها وسمحت لها بالتدخل في كل شأن وقضية، بل وكانت الجهات الرسمية في الدولة تلتقي بوفودها، وتستمع إليهم، وتشرح لهم المواقف، وذلك بعد أن تلتقي هذه الوفود بـ «الوفاق»، وتسرد الأخيرة لها التقارير الملفقة، وتفند لها الأكاذيب، ثم بعد انتهاء لقاءاتها مع المسؤولين، تعود المنظمات إلى دولها، لتخرج ببيانات وتقارير، كما صاغتها وأعدتها «الوفاق»، دون أن تهتم بلقاء مسؤول بالدولة، مهما كان مكانته، وهكذا تتعدد زياراتها وتستمر ندواتها، وهكذا أصبحت الدولة في نظر هذه المنظمات ساحة، تلتقي فيها بمن تشاء وتفعل ما تشاء.وبالرغم من التقارير المسيئة لتلك المنظمات عن البحرين، مازالت للأسف تلاقي قبولاً، وها نحن نسمع عن قدوم وفد آخر تابع للأمم المتحدة بقيادة خوان مانديز، وأطباء شرعيون على حد زعمهم، لـ «فحص ضحايا التعذيب في البحرين»، هذه الوفود لن تلتفت إلى ضحايا الإجرام والإرهاب، الذي تعرض له رجال الأمن، ولن تسأل عمن قطعت يده، ومن ثقبت رقبته، ومن احترق جسده، لن تسأل عن ضحايا الإرهاب الذين تجاوزت أعدادهم الألف، فمنهم من هو قعيد الآن على كرسي متحرك، وآخر شلت يده، ومنهم من لا يتحرك فيه رمش ولا ساق، لن تسأل تلك المنظمات عمن قطع لسانه، وشجت خاصرته، وغرس سيخ في رأسه، هذه المنظمات التي لا تعترف بمن مات نتيجة منع سيارة الإسعاف عن إسعافه، ولن تسأل عن مرضى الفشل الكلوي والأورام السرطانية الذين بقوا بلا علاج، دون أي ذنب ارتكبوه، أثناء احتلال «أطباء» لمستشفى السلمانية، ثم تأتي هذه المنظمات اليوم، لتمسح شعر رأس هؤلاء «الأطباء»، وتتأكد من سلامة أهدابهم، هؤلاء الأطباء الذين ينعمون بوافر الصحة والعافية، فمنهم من يؤتى له بطبيب من الخارج، وآخر يستدعى له أخصائي كلما عطس أو تثاءب!منظمة «أطباء بلا حدود» لم نسمع لها صوتاً في مستشفيات سوريا، التي تقصف وتدك مستشفياتها، ويشنق أطباؤها ويعدم ممرضوها، رمياً بالرصاص، ويعتقل الجرحى من على أسرتهم، ويقتادون إلى سراديب وكهوف مجهولة، هذه المنظمة ركزت جهودها وكثفت تقارير فقط عن البحرين، ذلك لأن في العراق حياة الطبيب لا تساوي شيئاً لديها، لأن حسابات هذه المنظمة وغيرها سياسية، ليس لها شأن في طب ولا تطبيب في العراق، أما وظيفة الطبيب في البحرين ونفسيته فهي في صلب مهامها، التي تتربح منه وتعيش عليه، لأنه من يدفع رواتبهم ومن يتكفل بمصروفات تذاكرهم، وإقامتهم في الفنادق، تلك الدول التي تقف وراء الخارطة الاستعمارية الجديدة التي تنفذ من خلال عملائها، وهم أتباع إيران في البحرين.هذه المنظمة وغيرها من المنظمات يجب أن تقطع يدها وتحش رجلها، قبل أن تطأ تراب البحرين، لأن البحرين دولة ذات سيادة، دولة لها مكانة دولية، وعلى هذا الأساس يجب أن تعامل تلك المنظمات، كما تعامل في باقي الدول ذات السيادة، وأما إذا كانت هذه المنظمات ستتعامل مع «الوفاق» كدولة، فنقول للدولة إن الخطأ ليس في المنظمة، وإنما هناك خطأ في حسابات الدولة، عندما سمحت لهذه المنظمة الخائبة الفاسدة أن يكون لها مكانة، واستقبلت وفودها أحسن استقبال، وسمحت لها بعقد المؤتمرات والندوات، وعلى الدولة اليوم أن تعيد النظر في علاقاتها مع هذه المنظمات، فما تروج له مجرد أوراق وملفات، ليس كتاباً منزلاً ولا حديثاً شريفاً.إن سيادة البلاد واستقلالها وسلامتها يكمن في طرد كل وفد ومنظمة تفكر في أن تتدخل في شؤون بلادنا، وذلك كما فعلت وزارة الخارجية الإماراتية عندما منعت أكاديمي غربي يدعى «كريستيان كوتس» من دخول الإمارات بسبب مواقفه من النظام البحريني، وذلك كي تعلم منظمة «أطباء بلا حدود» و»مسخرتها» التي ليس لها حدود، أن البحرين دولة ذات سيادة، لا يساوم على سيادتها بقاء رئيس جامعة طبية في منصبه أو استقالته.