التصريحات الإيرانية السافرة عن البحرين، التي أدلى بها أكثر من مسؤول إيراني مؤخراً لا تحتمل، ولا بد من الرد عليها بقوة، ذلك أنها مليئة بالتهديدات ويراد منها توصيل رسالتين في آن؛ الأولى تهديدية للبحرين ملخصها أن إيران لن تقف مكتوفة اليدين وأن على السلطة في البحرين أن تستجيب «غصباً عنها» لما يراد منها، والثانية تطمينية إلى الشعب الإيراني مفادها أن إيران ستتدخل عاجلاً أو آجلاً في الشأن البحريني بشكل مباشر. تجاوز التصريحات الإيرانية حدودها والأعراف الدبلوماسية هو ما حدا بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية للرد السريع عليها ووصفها بالتهديدات السافرة والخطيرة ورفضها واعتبارها «سلوكاً غير معهود في العلاقات الدولية يتنافى مع جميع القوانين والمبادئ الدولية».المفردة التي استخدمها مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، حسين أمير عبداللهيان، غير مقبولة أبداً ولا يمكن تصنيفها إلا في باب التهديدات المباشرة والواضحة للبحرين، حيث القول «تداعيات مداهمة منزل الشيخ عيسى قاسم»، يعني باختصار أن هناك أفعالاً تتجاوز المواقف القولية سيتم اتخاذها نتيجة ما حدث، وأن أفعالاً أكبر ستلحق ذلك لو تكرر العمل نفسه مستقبلاً! وهو كلام مليء بالتهديد ويراد منه «التوبيخ»، ويفهم منه قارئه أو سامعه، الذي لا يعرف أن البحرين دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، بأنها إنما ولاية من الولايات الفارسية أو محافظة زميلة لطهران!«طالت وشمخت».. هذا هو التعليق الشعبي الطبيعي لهذا التجرؤ الإيراني. فما حدث ويحدث في البحرين شأن داخلي وليس لأحد حق التدخل فيه، وإذا كانت إيران تعتقد أن بعض ما يحدث في البحرين فيه تجاوز؛ فإن البحرين وأهلها يجزمون أن تجاوزات كثيرة تحدث في إيران يتحملها الشعب الإيراني المظلوم من قيادته وحكومته. من دون لف ولا دوران؛ إيران اعتبرت دخول منزل الشيخ عيسى قاسم لدواعٍ أمنية فرضتها أحداث لحظات معينة تجاوزاً خطيراً واعتداءً على حرمة عالم دين، فهي تعتبر مثل هذا الأمر سابقة وتعتبر علماء الدين فوق القانون الذي يطالبون به وبتطبيقه! والأمر -من غير لف ولا دوران أيضاً- كان سيكون مختلفاً لو أن عالم الدين المعني هنا لم يكن الشيخ قاسم أو كان من علماء المذهب الآخر. هذا باختصار يعني أن إيران نصبت نفسها مدافعاً عن الشيعة في العالم، وأن تطبيق القانون على أي رمز شيعي في أي مكان، خصوصاً في البحرين، تعتبره تجاوزاً واعتداءً عليها لا تغفره إلا بالموافقة على طلبها التدخل في شؤون البحرين من باب التوسط «للمساعدة من أجل تسوية الأزمة البحرينية بطريقة عادلة وشفافة وعلنية.. وفيما إذا دعا ملك البحرين لذلك»!وضع تصريح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس عراقجي على طاولة التفسير يتبين منه أن إيران التي تقدم نفسها على أنها وسيط نزيه وشفاف وعادل، منحازة إلى طرف ضد الآخر، فهي تعتبر دخول منزل الشيخ عيسى قاسم -الذي يسمح به القانون باعتباره مواطناً بحرينياً- انتهاكاً لحرمة عالم دين، وتتهم الحكومة البحرينية بأنها تمارس العنف والتخويف والتعسف، وأن ما تقوم به يتنافى مع المعايير الأخلاقية والمدنية والإنسانية، وتقول عن الحكومة بأنها لا تحرص على الدفاع عن حقوق مواطنيها وأنها تنتهك حرمات بيوتهم.. وأن «كل هذا العنف لا يجدي نفعاً وسيزيد الوضع تعقيداً». فهل يمكن أن يكون وسيطاً منحازاً كهذا نزيهاً؟ هل يمكن أن يكون الوسيط عادلاً وهو يدعي أن حكومة البحرين لا تهتم بمطالب الشعب البحريني، وأن عليها أن تلبيها «من خلال إقرار الإصلاحات وتطبيق قواعد العدالة والمساواة» الذي هو «الحل الوحيد للأزمة البحرينية»؟
Opinion
شعب البحرين لإيران: طالت وشمخت!
٢٢ مايو ٢٠١٣