حالة من الترقب والانتظار تسيطر على المشهد البحريني اليوم، الكل يريد أن يعرف ماذا بعد إقرار توصيات المجلس الوطني، وماذا بعد توجيهات جلالة الملك حفظه الله، وماذا بعد تصريحات الأمير خليفة بن سلمان وتصريحات الأمير سلمان بن حمد حفظهما الله من أن الحكومة ستنفذ التوصيات سريعاً.غير أني وقبل الاسترسال في موضوع العمود أود أن أتوقف عند قرارات صدرت من جلالة الملك ولم يلقَ عليها الضوء بصورة كافية بسبب وتيرة الأحداث المتصاعدة، فقد كان قرار إدراج الأرامل والمطلقات والأيتام ضمن قوائم معونة الغلاء من القرارات الطيبة والتي تسعد الناس وتساهم في التكافل المجتمعي مع الفئات الضعيفة.أسعد هذا القرار الناس، فالشكر من بعد الله سبحانه إلى جلالة الملك، ونتمنى بالمقابل من وزارة التنمية ألا تسقط الأسماء ولا تستثني المستحقين للعلاوة بوضع شروط تقلص القوائم، كما هي عادة وزارة التنمية.أعود إلى ما بدأت به العمود، حالة الترقب اليوم التي تشغل الناس تصب في ماهية القرارات التي ستصدر، هل هذه القرارات ستكون نافذة، أم أن هناك أموراً استباقية بمعنى هل ستحال قضايا المتورطين إلى القضاء أولاً ليقول كلمته ويصدر أحكامه كإجراء قانوني ومن بعده يتم تطبيق قرارات المحكمة، أم أن القرارات ستطبق فوراً، والمتضرر يلجأ إلى القضاء إن أراد كما حصل في السابق مع من سحبت جنسياتهم.أجد اليوم أمامي مشهداً يجعلني أقول إننا كدولة تعلمنا من الأزمة فعلاً، أول هذه الدروس هو ما تقدم به رئيس مجلس النواب الرجل الفاضل خليفة الظهراني من طلب إلى جلالة الملك لانعقاد المجلس الوطني، فالقرارات تصدر من المجلس وترفع إلى الملك باعتبارها مطالب شعبية، وهذا الإجراء جعلني أقول إن ما حصل كان أحد الدروس المستقاة من الأزمة، فالذكاء واضح في طريقة أخذ الإجراءات، وهي تحسب لأصحاب الشأن.بالأمس لمسنا ما يشبه التحدي، فقد تم تفجير سيارة قرب مجمع تجاري، وتم الاعتداء على رجال الأمن في أماكن أخرى منها دار كليب، من هنا يتضح أن من يتبنى الإرهاب يصر على الفعل والإجرام، وهذا ما يتطلب اليوم مواجهته بقوة القانون، نريد أمناً صارماً وقوياً مع ما يتمتع به رجال أمننا من ضبط للنفس، وحسن تصرف.أيضا بالأمس تكلم المدعو علي سلمان في رد منه على اجتماع المجلس الوطني في كلمة لا أعرف ماذا أقول عنها، فقد أخذ يكرر كلمة السلمية، ومن ثم أخذ يذكر كلمة الصمود، والصمود هو ما يعني التراجع والتقوقع، لكنه قبل أيام كان يهدد ويقول سننزل الشارع حتى لو تلقينا الرصاص «وقطعاً الأمر لا يعنيك يا علي سلمان، الرصاص لا يصيبك وأنت في منزلك وتترك الآخرين كوقود للتحريض».فما بال علي سلمان أخذ يتراجع وصوته أخذ يخبو ووجهه غدا شاحباً، أين خطاباتك التحريضية من فوق المنصات، ويدك التي تلوح بها، لماذا اختفى هذا الخطاب أمس؟مع عميق الأسف الدولة تركت الرعاع يكبرون ويهددون وهي تتفرج، تركتهم يهبون إلى دول الإرهاب يتدربون ويخططون ويأتون إلى البلد دون محاسبة، إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه، واليوم العلاج يحتاج إلى الكثير من العمل بعد ما تركنا الأمور دون عقاب ودون قانون.السؤال الذي يدور أيضاً في ذهن كل مواطن، متى يطبق القصاص بحق قتلة المواطنين ورجال الأمن والمقيمين؟لماذا نعطل شرع الله، القاتل إذا ما ثبتت عليه التهمة من المحكمة وصدر حكم القاضي، فيجب أن يقام الحد، وإلا تصبح الفوضى عنوان للبلد.قرأت التوصيات الصادرة من المجلس الوطني، استوقفتني أكثر من توصية، غير أن ما لفت انتباهي في ما يتعلق بتدخل السفراء بالشأن المحلي الكلمة التي جاءت فيها الفقرة، وهي كلمة «التنبيه»، وهذه الكلمة لا أجد فيها أي لغة سيادة للدولة، ولا لغة شدة، التنبيه وكأن المدرس في المدرسة ينبه الطالب، بينما هناك قانون دولي حكم علاقة السفراء بالدول، وهذا يتطلب أن نتخذ موقفاً صارماً وقوياً بحسب القانون الدولي، أما كلمة التنبيه، فلا أجدها تستقيم مع تدخل السفراء وعلى رأسهم السفير الأمريكي.كما أتوقف عند مسألة طرحناها ذات مرة وهي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض والشتم وإثارة الفوضى ونشر تحركات رجال الأمن، ووصف رجال الأمن بالمرتزقة من قبل جمعيات سياسية، وهذا يحتاج إلى معالجة فورية اليوم.نقاط كثيرة تحتاج إلى معالجة بعد أن فرطنا في أمن البحرين، إما من أجل طاولة الحوار، وإما من أجل الخارج، اليوم يجب حصر كل الذي فرطنا فيه بما في ذلك القوانين التي نعطلها، هناك قوانين معطلة لا ينبغي أن تتجاوزها الدولة، كل تفريط في تطبيق القانون يقودنا للفوضى، فانظروا كم قانوناً فرطنا في تطبيقه وعطلناه من أجل عيون أناس لا يستحقون الجنسية أصلاً؟.رذاذللتذكير فقط، فحفظ الأمن لا ينفصل عن أمور كثيرة هي ليست بعيدة عن صلب الموضوع، وأولها إشاعة الربا، والخمور، نتمنى ونرجو من قادة البلد النظر في هذه الأمور، إنها والله في صميم موضوع الأمن، فالأمن من الواحد الأحد سبحانه، هو الذي يسبغ الأمن على من يشاء سبحانه.كان بودنا أن نعرف من الذين لم يطلبوا الكلام في المجلس الوطني؟من الذين امتنعوا عن التصويت؟من الذين رفضوا التوصيات، حتى وإن كان ذلك حقاً دستورياً للنائب أو العضو، إلا أننا للعلم فقط نريد أن نعرف الأسماء، فهناك وجوه كانت حاضرة وكأنها تشاهد فيلماً، تضحك و«تسولف»، بينما هؤلاء هم أنفسهم الذين انقلبوا أيام الأزمة، حتى الساعة الدولة لا تعرف تضع ثقتها في من، هذا مؤسف..!