يتداول البعض هذه الأيام مجموعة من الأقاويل حول زيادة الرواتب الخاصة بموظفي الدولة، حتى أن مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بهذه الشائعات، والتي ربما تكون من الحقائق، لكن وحده الله سبحانه وتعالى يعلم ما هي حقيقة هذا الأمر المشاع.في الواقع نحن في البحرين، وفي هذه المرحلة، لا نحتاج لشائعات تروج لموضوع في غاية الأهمية والحساسية، كموضوع زيادة أجور الموظفين، بل أصبح البحريني اليوم لا يتمنى فقط، بل يطالب الدولة أن تقوم وبصورة عاجلة بتحسين وضعه المعيشي، وذلك من خلال زيادة الأجور، زيادة تتناسب والغلاء الفاحش الذي بدأ يأكل بشكل مخيف رواتب المواطنين وحتى المقيمين.نحن لا نريد أن نركض خلف السراب، كما سئم المواطن البحريني كل الشائعات التي تقول إن هناك زيادة كبيرة في أجور موظفي الدولة سيعلن عنها في قادم الأيام، بل نريد أن تكون هذه الزيادات حقيقية ويعلن عنها من الآن، ولتكن الدولة أكثر شفافية من غيرها، لهذا عليها إما أن تؤكد ما يروجه بعضهم عن تلكم الزيادات في الرواتب والأجور أو أن تكذب هذه الشائعات، مع طرح المبررات المنطقية والمقنعة لكل من الموقفين.نحن لسنا في حاجة لشائعات أو محاولات كلاسيكية لقياس نبض الشارع لمعرفة ردود أفعاله حيال فكرة زيادة الرواتب، فالناس في هذا البلد يعانون الأمرين بسبب غلاء المعيشة وبسبب جشع التجار، وفي المقابل يعانون كذلك من ضعف الرواتب التي لا تتسق وتتناسب وحجم الغلاء الحارق لرواتبهم المتواضعة.إن مطلب الشعب بزيادة وتحسين الأجور لم يعد مطلباً ترفياً أو هامشياً في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الذي تشهده البحرين والمنطقة، بل أصبح هذا المطلب ضرورة ملحة لخلق توازن بين زيادة الأسعار والرواتب، كي لا تتسع الفجوة القاتلة في حركة الدائرة الاقتصادية، والتي إن ظلت تراوح في مكانها، فإنها ستنتج وبطريقة دراماتيكية رحى تطحن الطبقة الوسطى في المجتمع.إن زيادة الرواتب ستنعش دخل المواطن البحريني، وستنعش معه آمال كافة أفراد أسرته، كما ستنتعش في المقابل الحركة الاقتصادية الوطنية برمتها، وعلى رأسها حركة السوق التي تتكسب من خلالها عشرات الآلاف من الأسر البحرينية.ليس هذا هو المطلوب وحسب؛ بل إن من أهم الأمور التي لا يجب أن تتغافل عنها الدولة هي زيادة الرواتب بشكل لائق، دون وضع اشتراطات وقيود مذلة للمواطن البحريني، وأن تكون الزيادات مجزية وأكثر، وإلا فإننا لا نريد زيادات تكسر من قيمتنا أو تحط من كرامتنا، وهذا مطلب شعبي ونيابي صارخ لا يقبل النقاش ولا التأجيل ولا ترويج الشائعات لمعرفة ما هي ردود أفعال الشارع.إن تحسين الوضع المعيشي في شكله العام لا يكون بالاستجداء ولا بالشائعات ولا بالتخبطات ولا بالبركات، بل يكون وفق نظام اقتصادي علمي وعملي، ويكون واضحاً ودقيقاً للغاية، وهذا الذي يتمناه الجميع من أجل أن يتجاوز البحريني لقمة العيش ليفكر في أمور أكبر، كأن يفكر في المستقبل وبناء الغد المشرق بطريقة إبداعية خلاقة، وتأمين مستقبل الأجيال القادمة بصورة مريحة، فالجيل الذي لا يستطيع ضمان وضعه المعيشي لن يكون باستطاعته أن يؤمن حياة كريمة لأبنائه، وبهذا أيضاً سينقطع الإبداع في أوساط المجتمع البحريني، ولن يكون هناك مجال للتفرغ من أجل نهضة وبناء الوطن، فزيادة الرواتب تعني أنك تزيد من همة الإنسان وترفع من شأنه وكرامته، وليست المسألة مبلغاً من المال يعطى نهاية كل شهر لينتهي به الأجل بعد عشرة أيام من استلامه، فالقضية أكبر وأخطر مما تتصورون، لأن الإنسان يجب أن يعيش دائماً وأبداً في وطنه في بحبوحة من العيش.