برنامج عمل الحكومة الحالية ينتهي بنهاية العام المقبل 2014، وذلك قبل أن تستقيل الحكومة طبقاً لما ينص عليه الدستور بانتهاء مدة ولايتها التي تستمر نحو 4 سنوات.بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة قدمت الحكومة برئاسة سمو رئيس الوزراء برنامج عملها للسنوات الأربع التي تمتد من 2011 إلى 2014، وفيها كان 733 مشروعاً وبرنامجاً تنفذه 38 وزارة ومؤسسة حكومية. بالأمس أعلن مجلس الوزراء تأخر 41 مشروعــــاً تنفذهـــــــا 9 وزارات ومؤسسات حكومية، وكان مقرراً لها أن تنتهي في الربع الأول من العام الجاري 2013، وبعض أسباب تأخير تنفيذ المشاريع التي أعلنت تأخر إقرار الموازنة العامة للدولة، وتأخر بعض المقاولين في التنفيذ، وبعضها مسائل تتعلق بالتنسيق بين الوزارات. درس مهم قدمه سمو رئيس الوزراء عندما وجه لمعالجة أسباب تأخير المشاريع الحكومية واتخاذ إجراءات ضد المتسببين في التأخير. فهذا الدرس لا يعني حاجة الحكومة لمساءلة أعضاء السلطة التشريعية، وإنما لابد من محاسبة الحكومة لنفسها عندما يكون هناك تأخير أو بطء في تنفيذ المشاريع، بل ويجب مساءلة المتسببين في هذا التأخير. المساءلة والمحاسبة دائماً ما ترتبط بالسلطة التشريعية، وبالطبع هذا حقها الدستوري الأصيل، ولكن المساءلة يجب أن تكون ذاتية نابعة من الحكومة لتقييم دورها ومسار عملها باستمرار. على المسؤولين في القطاع العام استيعاب الدرس الذي قدمه سمو رئيس الوزراء، خاصة وأن المسؤولين الحكوميين دائماً ما يخشون محاسبة البرلمان، ولكنهم لا يشعرون أن هناك محاسبة من الحكومة نفسها. لذلك نجد الكثير من الوزارات بها مشاكل داخلية وصراعات تنظيمية بين المسؤولين لا تنتهي، حتى وإن تغيّر المسؤولون أنفسهم. فإحدى الوزارات الخدمية الهامة صار دورها مشلولاً بأقصى الدرجات لأن المسؤولين فيها انشغلوا بالصراع فيما بينهم على حساب تقديم الخدمات وتولي المسؤوليات لخدمة المواطنين والمقيمين باعتبارهم الجمهور. مظاهر هذا الصراع في هذه الوزارة هو الصحافة، حيث يقوم الوزير بتسريب بعض المشاكل والتحديات التي تواجهها الوزارة للصحافيين بالوثائق والمستندات ليس لتعرية هذه المشاكل ومحاولة إصلاحها، أو حتى لطلب البحث عن حلول ناجعة لها، وإنما لتوجيه ضربة وإحراج المسؤولين الآخرين في الوزارة الذين يعملون ضمن فريقها، ونفس الوضع ينطبق على الوكيل وبعض المدراء، حالة نادرة من الصراع السياسي والإداري داخل مؤسسة حكومية واحدة ينبغي إيقافها نهائياً، لأنها لا تعكس سياسة الحكومة أو توجهاتها أو حتى برنامج عملها. والسماح باستمرار مثل هذا الصراع لن يؤدي إلى تطوير الأداء الحكومي، وإنما سيساهم في انتقال هذه الحالة الإدارية المشوهة إلى وزارات ومؤسسات حكومية أخرى.