بعد هدوء رياح التغيير، واستمرار الفوضى في ربوع الوطن العربي، وبعد أن بات جلياً حجم التدخلات الخارجية فيما كان يجري في البلدان العربية، يقف المرء متسائلاً، من هو المستفيد من كل ما يجري؟ ولماذا وفجأة ودون سابق إنذار قلبت الولايات المتحدة الأمريكية ظهر المجن لحلفائها الرؤساء العرب، وأعطت دفة الحكم للإسلاميين؟.في الوهلة الأولى، نظن أن هذا التغيير جاء ليخلص المضطهدين ويعيد الحقوق لأصحابها، وأنه جاء بفضل إرادة الشعوب الثائرة على الظلم والطغيان والاستبداد، نعم قد يكون هذا صحيحاً نوعاً ما، ولكنه جزء من الصورة، فعندما نتمعن أكثر، نصل إلى تساؤل مفاده: كيف تسمح الولايات المتحدة بسقوط أنظمتها الحليفة والإتيان بأنظمة حكم إسلامية؟.. ألم يكن من المتوقع أن تساند أمريكا الرؤساء العرب حتى آخر رمق قبل السقوط؟..في الواقع إن الصورة الأكبر لما يجري في العالم العربي تشير إلى أن عملية كبيرة يتم التهيئة لها، وهي تحقيق الحلم الإسرائيلي الكبير من النيل إلى الفرات، إن هذه الحكومات الإسلامية التي جاءت على أنقاض الربيع العربي، ما هي إلا مبرر لكي تقوم إسرائيل بشن حروب كبيرة على من حولها، وقد يكون ذلك في مرحلة قريبة.. إسرائيل لا تريد أن تخرج بصورة المعتدي على الآخر، ولكنها تريد أن تقول أنظر أيها العالم، إن الإسلاميين من حولي ويريدون محوي من الخريطة، يتزامن ذلك بالتأكيد مع تصريحات من تلك الحكومات أو من يمثلها من أحزاب تؤيد هذا التوجه..إن ما تريده العصبة التي تسيطر على القرار الأمريكي، تسليم العهدة من الولايات المتحدة الأمريكية كأقوى دولة في العالم إلى إسرائيل، وما يؤيد هذا الكلام أن العديد من الاقتصاديين يؤكدون أن الاقتصاد الأمريكي يعيش على أجهزة سريرية ينتظر فصلها منه لكي يسقط، وبالتأكيد سقوط الولايات المتحدة الأمريكية لن يكون عسكرياً، ولكنه سيكون سقوطاً اقتصادياً يؤدي إلى سقوط سياسي واجتماعي واقتصادي وحتى عسكري..إن هؤلاء الذين يحاولون رسم سيناريوهات المرحلة المقبلة، يهيئون لمرحلة انتقالية، فالسياسيون يلاحظون أن دبلوماسية الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تعمل دون الاكتراث بأي حليف أو صديق في سبيل تحقيق أجندتها، فكما نجد سياستها في البحرين في دعم المعارضين ضد النظام رغم أن البحرين تعتبر أحد حلفائها، فإن سياستها أصبحت كذلك، لا تكترث بمستقبل العلاقات، إن الولايات المتحدة تعمل وكأنها تعلم أنها ستموت عما قريب.ولا يخفى على أحد حجم الإضعاف الذي أصبحت تعاني منه الأمة الممزقة، فدول الخليج تعاني من أزمات سياسية، في البحرين، الكويت، والعراق يعاني من اضطهاد طائفي كبير، وسوريا وما أدراك ما سوريا، ومصر والسودان وليبيا، واليمن.. وللأسف نحن في البحرين نعيش مع معارضة منبطحة بالكامل للقرار الأمريكي، وتعمل وفق استشارات وتكتيكات تضعها السفارة الأمريكية.إن الخطة المضادة تتطلب تكاتفاً خليجياً أولاً، ثم جلسات مصارحة ومكاشفة، ومن ثم تنسيقاً ومواقف مشتركة، وثم جلسات مصارحة ومكاشفة أيضاً.. للوصول إلى مجلس تعاون خليجي حقيقي لا تدخل بين تجاويفه الأفاعي.. إن الاتحاد الخليجي أصبح طوقاً لنجاة دول مجلس التعاون الخليجي، هذه حتمية يجب على القادة أن يعوها جيداً، لا نريد أن تكون عمان في سرب آخر أو قطر أو أي دولة أخرى.. نريد خليجاً كما عهدناه وعرفناه.. خليجياً يمثل المواطن الخليجي.