اختصر أحد المتابعين لتطورات الأوضاع وما يحدث في مصر هذه الأيام رأيه بقوله إنه «لا بأس أن نختلف؛ ولكن الاختلاف يجب أن يكون برقيّ وليس.. ببلطجة»، معبراً بذلك عن رفضه للعنف أسلوباً للتعبير عن القناعات والمواقف، فالرقيّ هو في قبول رأي الآخر وجعله يقبل بالرأي المخالف له، لكنه لا يكون في فرض الرأي بالذراع.. ولا بإشعال النيران في إطارات السيارات واختطاف الشوارع وتعطيل حياة الناس وإرهابهم، كما هو حاصل في البحرين من قبل أولئك الذين...!أن تختلف فهذا حق تمارسه يقابل باحترام من قبل الآخرين، أن تطالب بما تعتقد أنه حق لك فهذا أيضاً حق يقابل باحترام، أن تطالب بإحداث تغييرات تعتقد أنها ستعود على الوطن والمواطنين بالخير، وهذا أيضاً حقك ولن تجد من الآخرين إلا الاحترام، لكن أن تفرض رأيك على الآخرين بالقوة والبلطجة فهذا ما يرفضه الآخرون ولا يمكن لعاقل أن يقبل به. طالب بما تعتقد أنه حقك، حاول أن تقنع الآخرين بوجهة نظرك، استفد من كل ما يتيحه لك الدستور والقانون لتعبر عن رأيك بكل صراحة ووضوح، لكن عليك ألا تعتقد أن رأيك وحده هو الصواب وأنك الوحيد الذي لك مطالب والوحيد الذي من حقه أن يرفع صوته ويكسب. دخولك في المساحة التي تفرض فيها رأيك على الآخرين وتحاول أن تحصل على ما تعتقد أنه حقك بالقوة يعني أنك تجاوزت حدودك وفقدت صوابك. لا يمكن أن تفرض رأيك وتحصل على ما تريد باتخاذك العنف سبيلا، لأن العنف لن يقابل إلا بالصد ويؤدي إلى العنف المضاد. لا يمكنك أن تربح قضيتك أياً كانت بالعنف والفتوة، تربحها بالحوار فقط وبالرقي في المطالبة والاختلاف. فإذا أضفت إلى كل هذه الأساسات أنك تنتمي إلى بلد حضاري هو البحرين؛ فهذا يعني بأنك لو فعلت ما فعلت لا يمكنك أن تحصل على مرادك سوى عبر الطرق الراقية في المطالبات، فالبحرين بلد الرقي.أكثر من سنتين وأولئك البعيدون عن الرقي يختطفون الشوارع ويسيئون إلى الحياة فما الذي جنوه؟ لا شيء؛ سوى اتهامهم بألف اتهام واتهام والنظر إليهم على أنهم مؤذون ومخربون ومتخلفون. لا يمكن للناس مهما كانوا بسطاء أن يقتنعوا بمطالبك إن اعتمدت العنف، ولا يمكن لعاقل أن يتعاطف معك وهو يراك تعطل حياة الناس يومياً عبر ممارساتك التي لا يمكن وصفها إلا بالتخلف. قبل حلول رمضان بأيام تنادي ذلك البعض الذي لايزال دون أن يستوعب هذا الأمر إلى اعتماد برامج (كفاح) خاصة بهذا الشهر المبارك، والأكيد أن جانباً كبيراً منها سيكون قطع الشوارع بإشعال النيران في إطارات السيارات (حيلة العاجز)، وسيتم تكرار ما تم تجربته وكان نصيبه الفشل، دون أي اعتبار لشهر الله وشهر القرآن وشهر العبادة. المؤسف أن هؤلاء يعتقدون أن ما يقومون به من تخريب وأعمال عنف هو نوع من العبادة، حيث يكفي أن يفعلوا ذلك بنية خدمة الوطن لتقبل أعمالهم، أو ليست الأعمال بالنيات؟! والحال هذا فإنه لا يستبعد أن في أيديهم فتوى ملخصها أن الله لا يقبل صيامهم إن لم يكن مصحوباً بالتخريب!مؤلم أن يكون الحديث هنا عن أناس ينتمون إلى هذا البلد الحضاري العريق الذي ظل على مدى التاريخ نموذجاً للسلم والتقدم والرقي. مؤلم أن يقوم بأعمال التخريب هذه بحرينيون لم يفرطوا في دينهم قط، ونالوا نصيباً وافراً من العلم. مؤلم أن هؤلاء صاروا في الألفية الثالثة ولايزالون دون استيعاب أن الاختلاف حق ولكن ينبغي أن يكون برقي.
Opinion
الحكومة وحق البلطجة!
11 يوليو 2013