لا أعرف على وجه الدقة ما حدث أمس الأربعاء 14 أغسطس، لأنني أكتب هذا المقال وأسلمه للمعنيين بصفحة المقالات قبل حلوله بسبب ظروف النشر، لكني أعتقد أن الأمر لم يخرج عن أحد احتمالين؛ نجاح الدعوة إلى أن يكون يوماً يتم في نهايته فرض «معادلة جديدة»، كما سبق وأن أعلن الداعون إلى هذا اليوم، أو فشل الدعوة وبدء مرحلة انهيار المجموعة التي لاتزال مصرة على الدعوة إلى إسقاط النظام. حسب توقعاتي؛ فإن الغالب هو أن يوم أمس مر بشكل طبيعي ولم يحدث فيه شيء غير عادي «على اعتبار أن إشعال النيران في إطارات السيارات وحجز الشوارع وما إلى ذلك من أفعال لا تليق بأناس ينتمون إلى هذا الوطن صار من الأمور العادية لأنها تحدث كل يوم، تماماً مثلما هي زحمة السيارات في شوارعنا». في كل الأحوال لو حدث شيء مغاير فالأكيد أنه لم يكن بالشكل الذي هو في بال أولئك الذين هددوا وتوعدوا وأعلنوا عن «جهوزيتهم التامة» لهذا اليوم، واعتبروه مفصلاً وإعلاناً عن مرحلة جديدة ستؤدي سريعاً إلى تحقيقهم لمآربهم! الحكومة أيضاً كانت جاهزة لمنع أي تحرك يسيء إلى الاستقرار، وكانت على أتم الاستعداد لضرب كل يد تسعى إلى نشر الفوضى والتخريب، فهذه المرة رتبت الحكومة أمورها جيداً وكانت على «جهوزيتها التامة»، ولو أن ما اتخذته من إجراءات كان لابد منها قد تتسبب في إزعاج المواطنين والمقيمين لبعض الوقت.الأكيد أن يوم أمس لم يخلُ من محاولات هنا أو هناك لإقلاق الأمن بسبب حرص ذلك البعض على الظهور بمظهر الواثق من تعهداته، فمن غير المعقول أبداً أن ينتهي اليوم الموعود والذي تم التحضير له بسلسلة من التظاهرات والتصريحات والشحن عبر مختلف وسائل الإعلام من دون تسجيل أي نقطة، لكن الأكيد أيضاً أن الحكومة تصدت بقوة لكل تلك المحاولات، وهذا توقع غير بعيد عن الواقع لسبب بسيط هو أنه لم يعد أمام الحكومة غير هذا الطريق، خصوصاً بعدما حصلت على تفويض شعبي يتيح لها التحرك بصورة أكبر، فما حدث في الأيام الأخيرة من تطورات ورفض لعمليات التخريب التي لا تتوقف، وما تلى ذلك كله من إعلان صريح للحكومة ملخصه أنها ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه الإساءة إلى البحرين وشعبها ومستقبلها، كل هذا جعل من الصعب على الحكومة أن تغير من موقفها، فلم يعد أمامها أي فرصة للتراجع أو التعامل بغير هذه الطريقة، وبالتالي فإنه ليس صعباً توقع ما حدث أمس قبل أن يحدث. ولأن الحكومة تعلم أن محاولات أمس ستستمر، وأن ذلك البعض سيعز عليه الاعتراف بالهزيمة، لذا فإن «جهوزيتها» ستظل مستمرة وستعتبر كل يوم 14 أغسطس حتى تنتهي هذه المشكلة، وستواصل طريق «نيل حقوقها» بالقانون وبما يتيحه لها الدستور من مجال للتحرك وحماية المواطنين والمقيمين والزائرين المسؤولة عنهم.مشهد يوم أمس إذاً لم يكن صعباً توقعه، فالحكومة بذلت كل جهدها لمحاصرة تحركات أولئك الذين لا يزالون دون القدرة على إدراك أنهم بفعلهم هذا إنما يسيئون إلى وطنهم وأهلهم ويعطلون الحياة، والذين للأسف الشديد اختطفوا مظلة المعارضة من «المعارضة» واستظلوا بها! هؤلاء لو سألتهم عما حدث أمس سيقولون إنهم حققوا الكثير من الانتصارات وسيؤكدون من جديد «جهوزيتهم» وسيعتبرون فشلهم «لو اعترفوا به وهو المتوقع» عبارة عن خسارة الجولة الأولى ليس إلا، وسيواصلون شحنهم للبسطاء ليضعوهم في وجه المدفع، فلا بأس لو تضرر هؤلاء فهم في خاتمة المطاف ليسوا سوى وقود لا مفر من استخدامه للوصول إلى الهدف.
Opinion
ما الذي حدث يوم 14 أغسطس؟
15 أغسطس 2013