هذه رسالة من مواطن مصري ولكنها تعبر عن كافة أبناء وبنات شعب مصر الشرفاء، الذين يحبون وطنهم وعروبتهم ولا يبيعونه مهما كانت الإغراءات بالمناصب آو الأموال.يقول المثل العربي «الصديق الحق من يعرف عند الشدائد»، ويقول المثل أيضاً «رب أخ لك لم تلده أمك»، ويقول الشاعر العربي «وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر»، وهذا هو خادم الحرمين بمواقفه وتصرفاته تجاه مصر الحبيبة. ولقد أوصى المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود بنيه قبل وفاته بمصر ورعايتها، إعمالاً لوصية النبي الكريم منذ قرون بقوله «استوصوا بقبط مصر خيراً فإن لي فيهم صهراً ونسباً»، وقبط مصر كما معروف تعني شعب مصر من المسلمين والمسيحيين، وهي من كلمة «كميت» الهيروغليفية التي تعني الأرض السوداء؛ أي ذات الخصب والنماء والتي تحورت إلى جبت في الإغريقية، واليوم هي تشمل كل شعب مصر أياً كانت أصوله العرقية، فمصر لا تفرق بين أبنائها أياً كانت دياناتهم أو أصولهم العرقية التاريخية. إن موقف خادم الحرمين وملوك وأمراء البحرين والإمارات والكويت ينطبق عليه قول الشاعر العربي:لقد مات ناس وما ماتت مكارمهوعاش قوم وهم بين الناس أمواتفمكارم آل سعود بالنسبة لمصر كثيرة؛ لكنني أشير إلى مبادرة الملك الراحل المغفور له الملك فيصل باستخدام النفط كسلاح في المعركة، ومبادرة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمساندة مملكة البحرين في أزماتها، وفي بيانه الرائع والدقيق في تحليله حول الفتنة والتآمر على مصر والدعوة لمساندتها، كذلك مبادرات الراحل الشيخ زايد آل نهيان أيضاً وله في كل دولة عربية أو إسلامية أو غير إسلامية بصمات، فهناك كرسي زايد في جامعات الصين وأمريكا، وهناك مدن عديدة باسم زايد في البحرين ومصر وباكستان والمغرب وغيرها، كما إن لدى الكويت والإمارات صناديق للتعاون الإنمائي الدولي تمد يد المساعدة ليس لمصر فقط وإنما للعديد من دول العالم. البحرين رائدة في الدعوة للتسامح والاعتدال وفي مساندة مصر سياسياً ودعمها في مجالات عديدة، كما إن رسالة خادم الحرمين الأخيرة حول مصر حظيت بتأييد الإمارات والبحرين والكويت بلا تردد، وهذا من شيم الرجال الكرام والقادة وذوي المصداقية الذين يحرصون على الإخوة العربية والإسلامية بلا هدف ولا أجندة، ومصر عبر تاريخها من الملك فاروق والرؤساء محمد نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك بادلتهم ذلك الحب والتأييد ووقفت إلى جانبهم في الأزمات والحروب دفاعاً عن ترابهم الوطني ضد الطامعين، وهي تعتبر أمن الخليج العربي أمناً لمصر الوطني وجزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.والدول الخليجية الأخرى مثل عمان فقد وقفت إلى جانب مصر بعد اتفاقيات كامب دافيد، عندما قطعت كثير من الدول العربية العلاقات معها، أما الشقيقة قطر فقد قدمت مليارات الدولارات مساعدات لمصر عبر السنين، ورغم ما شاب علاقات قطر بمصر من توترات وربما سوء فهم، فإن وزير خارجية قطر يوم 19 الجاري صرح أن قطر تقدم مساعدات لمصر وليس لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا يساعد في إزالة اللغط الذي دار حول الموقف القطري، كما أصدرت وزارة خارجية قطر يوم 20 أغسطس بياناً يدين الإرهاب والإعمال الإجرامية ضد القوات المسلحة في سيناء، وهذا يؤكد المعدن الأصيل لكافة دول الخليج العربية، فكما يقول المثل المصري «الدم لا يصير ماء»، أي أصالة الدم العربي التي تربط مصر بكافة دول الخليج لن تتغير، وإن شابها أحياناً بعض الرواسب نتيجة بعض الرياح والأتربة التي تهب في السماء عبر الحدود.عودة لصاحب المكرمات الصادقة والمبادرات الرائدة في إنشاء مركز للحوار بين الحضارات والثقافات والأديان في فيينا، وعقد العديد من الحوارات الدولية مع الصين واليابان، وبين المسلمين السنة والشيعة، وغير ذلك، هذا هو الإسلام الذي يجمع ولا يفرق، يتسامح ولا يشيع الإرهاب والغوغائية، كما يحدث من بعض قادة الدول التي تنتسب إليه ظلماً وزوراً لمآربها السياسية. إن الإسلام يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة إعمالاً لما جاء في القرآن الكريم، فشكراً لكم وألف شكر يا خادم الحرمين الشريفين، والى إخوتك الصادقين ملك مملكة البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وأمراء الكويت والإمارات العربية المتحدة وباقي دول مجلس التعاون، وعاشت أرض العروبة دائماً ولادة وصاحبة مكارم، حيث امتزجت مصر مع العرب من قبل الإسلام، ودافعت عن العروبة ضد التتار والصليبيين وغيرهم عبر القرون.ولقد أسفرت الدبلوماسية السريعة للأمير سعود الفيصل بمقابلة الرئيس الفرنسي وتسليمه رسالة من خادم الحرمين الشريفين حول الموقف في مصر، مما أسفر عن تغير حقيقي في الموقف الفرنسي، وهكذا الوزراء المخضرمون الفاهمون للتصرف في اللحظة المناسبة بما يحقق النتائج الواضحة والملموسة في الوقت المناسب، والشكر موصول أيضاً لجلالة الملك عبدالله الثاني ملك الأردن على مواقفه العربية الأصيلة، بل للمواطن المفكر المسؤول سمو الأمير الحسن بن طلال على نداءاته ومواقفه، وأيضاً لمراكز حقوقية مصرية، في مقدمتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية السورية لحقوق الإنسان وغيرها، هذا على النقيض من كتابات مفكرين عرب ومصريين ومراكز أبحاث ومراكز حقوقية للأسف يرددون أقوال العملاء للتنديد ببلادهم مقابل التمويل من دول أجنبية. ولا يمكن نسيان الدكتور عبداللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون، لمواقفه النبيلة وبياناته المتدفقة دفاعاً عن دول مجلس التعاون ومواقفها وأحوالها وعن القضايا العربية فهو عربي أصيل. هذه كلمات محدودة ولكنها تنبع من القلب، وقد لمست في الأيام الماضية التي قضيتها في القاهرة أنها صادرة من قلوب ملايين المصريين تجاه هؤلاء القادة العرب، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين. كما لمست المحبة الأصيلة في قلوب جميع المصريين تجاه إخوتهم العرب بغض النظر عن تعبيرات البعض، فكما يقال إن الإخوة يختلفون ويتنازعون ولكن الرباط القوي يظل بينهم دائماً لا يخيبهم ولا يخذلهم في أشد المواقف صعوبة.حمى الله مصر أرضاً وشعباً، وحمى الله أرض الكنانة، أرض العروبة.. أرض الأبطال، التي لا تفرط في قضية عربية وفي مقدمتها قضية فلسطين باعتبارها ليس فقط قضية العرب الأولى؛ بل وأيضاً قضية مصر الأولى لارتباطها بأمنها الوطني، حتى وإن أساء بعض أبناء فلسطين عن سوء تقدير أو طموحات شخصية قصيرة النظر ضيقة الأفق. فمصر الكبيرة دائماً سوف تصفح عن أبنائها وعن أشقائها مهما كانت الرؤى المختلفة أو بعض التصرفات غير السليمة أحياناً.
Opinion
تحيـة وتقدير لخادم الحرمين ورفاقه قادة دول مجلس التعاون
22 أغسطس 2013