بهذه الجملة التي سبقها كلمتا (يا لك من) بدأ المحرضون تخريب الفرحة بالعيد الوطني يوم الاثنين الماضي السابع عشر من ديسمبر، والذي اعتبروه «عيداً للشهداء» ليكون سبباً في التنغيص على الوطن. سبق تلك الجملة وتلاها الكثير من الجمل التحريضية التي أريد منها شحن العامة من الناس كي يصلوا إلى اللحظة التي يعتبرون فيها وصولهم إلى المنامة للتظاهر فيها في ذلك اليوم بمثابة الخيط الذي يفصلهم عن الجنة، فلا يترددون عن التضحية بأنفسهم، خصوصاً وأنهم سيصلون العاصمة (تجاوزاً) وهم مرتدون أكفانهم!النداء الأكبر جاء مباشرة بعد صلاة فجر ذلك اليوم؛ حيث نفخ النافخون في التويتر قائلين «استيقظوا يا شعب أوال.. دماء الشهداء تناديكم.. فكونوا أوفياء» ومؤكدين «لنرفع شعارهم الذي خرجوا من أجله.. الشعب يريد إسقاط النظام». وتفادياً لصعوبات قد تواجههم وهم في طريقهم إلى المنامة أوصوا بعضهم البعض ليخرجوا من بيوتهم مبكرين، فالغياب عن هذه الفعالية خيانة للمبادئ! ولتأكيد أن الجمعيات السياسية (الوفاق ومن معها) لا قيمة لها في الشارع كتبوا (لقد نجح ائتلاف 14 فبراير نجاحاً باهراً في التعبئة للمنامة).. ولم يجانبوا الحقيقة، رغم أن تلك الجمعيات لا تتردد عن المشاركة في «فعالياتهم» وترفع معهم تلك الشعارات التي حذرت من رفعها في التجمعات التي تنظمها وقالت إنه «غير مرحب بها هنا»!السؤال الذي يدور في بال كثيرين هو؛ هل تحقق الهدف من تلك الدعوة؟ الجواب باختصار هو نعم، لقد تحقق الهدف الذي هو باختصار أيضاً القول «إننا نحن من يقرر كيف هو حال يوم 17 ديسمبر في التقويم وليس أنتم.. نحن فقط من بإمكانه أن يجلب الهدوء للبلاد أو الفوضى..»، أما أنتم فالمقصود بها الحكومة ومن تعتقد نفسها «المعارضة» معاً!تبجّح؟ نعم هو كذلك، ولقد نجحوا في إحداث فوضى وتمكنوا من تعطيل حياة الناس وإزعاجهم وتعريضهم للخطر، كما نجحوا في إيهام العالم أن البحرين تعيش تشكيلة من المآسي وأن الناس فيها يعانون. هذا الدور أسند إلى مجموعة الفضائيات بقيادة السوسة الإيرانية (العالم) والتي لم تتوقف عن التحريض والترويج لتلك الفعالية منذ نحو أسبوع، وزادت المساحة المخصصة لها في برامجها في اليوم الموعود، حيث كانت تنشر الأخبار تباعاً بصفة (عاجل) وإن لم يكن ينطبق عليها هذه الصفة. من ذلك على سبيل المثال تأكيدها انتشار قوات الأمن وآلياتها في محيط العاصمة وشوارعها منذ الصباح.. وغير هذه من معلومات دفعتني لأتحقق من الأمر لأن الوضع كما صورته تلك السوسة أوحى بأنه قد تم إعلان حالة طوارئ في البلاد، فجلت بسيارتي نحو ساعتين، لكن شيئاً من ذلك لم يكن. شخصياً لم يلفتني غير العادي في شوارعنا ذلك الصباح وفي محيط العاصمة ومداخلها وداخلها، ولم أشاهد الآليات العسكرية التي قالت عنها وسعى إلى تأكيدها أحد الذين تمت استضافتهم في البرنامج اليومي المخصص لسب البحرين والإساءة إلى قيادتها. حقيقة لم أشاهد الآليات والمدرعات التي قالت عنها، وهذا يحمل أحد تفسيرين؛ إما أن العسكر انتبهوا إلى أنني أقوم بجولة «تفتيشية» فقاموا بإخفائها وهذا أمر غير معقول، أو أن ما كانت تردده تلك الفضائية عار عن الصحة وتهدف منه الإشاعة وتخويف الناس في الداخل والخارج، وهذا أمر أكيد. في ذلك اليوم بدأت هذه الفضائية ترويج مصطلحين جديدين في الشريط الإخباري أسفل شاشتها هما (قوى المعارضة) و(القوى الثورية) في محاولة واضحة للتفريق بين الجمعيات السياسية وائتلاف فبراير.. الذي هو صنيعتها.