الوضع الحالي، وخاصة ما يتعلق بالسجال النيابي مع الحكومة بشأن الميزانية، يضاف إليه ما حصل بشأن تقارير ديوان الرقابة المالية، والآن بشأن مأساة «كوبري السيف»، هذا الوضع يدخلنا في حيرة لو أردتم الحديث بصدق، إذ بين «حانا ومانا.. ضاعت لحانا»!القصد؛ أنه بات من الصعوبة معرفة مدى مصداقية التصريحات الصادرة من السادة النواب، بحيث نحتاج لجهاز «كشف الكذب» لنحدد ما إذا كان هذا التصريح أو ذاك مبعثه الرغبة الحقيقية لتمثيل الناس وتوصيل أصواتهم، أو محاولة التخفيف من حدة انتقادات الناس بسبب «الخيبة» التي حققها بعض النواب ببيان أن شعاراتهم لم تكن إلا كذباً أو زيفاً، أو الاختيار الثالث وهو أن تكون هذه التصريحات «دعاية انتخابية» مبكرة لانتخابات 2014.طوال عقد من الزمن، هو عمر المجلس النيابي، يمكننا ملاحظة تطور الإحساس لدى شريحتين من البشر، لكن باتجاه متناقــــض؛ الأول هــو إحســـاس النـــاس البسطاء بما يحصل حولهم من حراكٍ سياسي، بحيث أصبح المواطن أكثر وعياً وحصافةً ومن الصعوبة أن يتم «خداعه» بدون تعب وجهد مثلما كان يحصل في السابق. في المقابل تنامي إحساس أو بالأصح «موت إحساس» من يفترض أنهم جاؤوا للكراسي على كتف المواطن وبسبب «تكرمه» بمنحهم صوته، وصل موت الإحساس لمرحلة يتجاهلون فيها الناس ولا تهمهم انتقاداتهم ولا يجب الرد عليهم أو على مكالماتهم.نقول إن هذا ملاحظ في البحرين، أي أن الناخب بدأ يتعلم من «الضربات» السابقة، بدأ يستوعب حقيقة «لعبة الخداع» التي مارسها معه بعض النواب، بالتالي هذا ما يستوجب القول إن القادم من التجارب والمناسبات المتعلقة بممارسة حق الانتخاب ستعكس حالة «الوعي» هذه التي تنامت بسبب «تعرية حقيقة بعض النواب»، لكن السؤال الأهم هنا؛ هل بالفعل تعلمت الناس الدرس؟!المشكلة أننا في العام القادم قد نجد شخصيات جديدة تريد ممارسة نفس الدور الذي لعبته شخصيات سابقة، بالأخص من يريد «تحسين وضعه» و«ضمان مستقبله» و«التحصل على راتب تقاعدي دسم» على حساب الناس، والطريق إلى ذلك سهل جداً، أعط الناس وعودواً و«حسسهم» بأنك «سوبرمان» الوحيد القادر على حلها، وانصب لهم خيمة وأقم الولائم واخطب فيهم وكأنك «ميل جيبسون» في فيلم «بريف هارت» بنبرة حربية تتوعد بدك حصون الدولة، ولا تنسى بعض المساعدات هنا وهناك «مكيفات، ثلاجات، حتى توسترات.. شعاد، أي شيء مش حالك، أهم شيء يقولون: يعطي ويندي)، وحينما تصل بالسلامة افعل مثلما فعل غيرك، بدل رقم هاتفك، خاطب الناس من وراء أنفك والأفضل ألا ترد عليهم باعتبارهم «حثالة مجتمع» وأنت «الراقي الكلاس»، ولا تنسى «تلبيسهم في الحيط» بأدائك الخطير في المجلس.المشكلة أن الناس تفتقد لآلية من خلالها يمكنها محاسبة نوابها، الناس تواجه مشكلة حقيقية بالفعل، إذ طالما منحت صوتها ورمت ورقتها في الصندوق، فإنها بعد ذلك لا تمتلك الحق حتى في محاسبة نائبها أو المطالبة بإقالته أو سحب الثقة منه. المفارقة أن النائب له حق سحب الثقة من الوزير، لكن إن كان النائب نفسه غير أهلٍ للثقة، إن كان أفاقاً كاذباً خادعاً للناس بشعارات زائفة حينما طرحها حصلت أزمة في اللوحات لكثرة شعاراته، لكن حينما نأتي لنقيم كم حقق منها قد لا نكمل سطراً واحداً في دفتر ملاحظات يوضع في الجيب الأعلى للثوب أو القميص، أقول إن كان النائب نفسه غير أهل للثقة، فكيف يسحب المواطن منه الثقة؟!لدي اقتراح للنواب فيما تبقى من عمر لهذا الفصل التشريعي، بالأخص النواب الذين بالتأكيد «حسبوها الآن» ورأوا أن حظوظهم في الفوز بفترة جديدة قد تكون غير مضمونة؛ اشرايكم يا جماعة «تخربونها» على من يأتي بعدكم، يعني «توهقونهم» من الآخر؟! المسألة بسيطة جداً. اقترحوا مشروعاً بقانون يمنح المواطن حق سحب الثقة من نائب منطقته إن أثبت بأنه لم يحقق وعوده الانتخابية التي وعده بها، وبناءً عليها تحصل على أصواتهم، وضمنوا المشروع ما يكفل حق المواطنين سحب الثقة من نائب منطقتهم إن لم يفتح له مجلساً أقلها مرتين في الأسبوع ليتواصل معهم، أو حتى إذا لم يجب على اتصالاتهم أو تعمد تغيير رقمه.صدقوني هذا المقترح سيجعل الناس تتذكر النواب الذين سيخرجون من المجلس بلا رجعة «إن شاء الله» بكل خير، إذ أقلها سيمنحون المواطنين حقاً في تقييم نوابهم ومساءلتهم وحتى عزلهم، بدلاً من أن يجلس المرشح «يتذلل» لدى الناس، و»يراكض» على حل مشكلة المجاري عند فلان أو يركب «الإسعاف» ليتابع حالة علان وكل هذه «اللوية» خلال شهرين فقط هما مدة الحملة الانتخابية، وبعدها تنعكس الأدوار و»يتبهدل» الناس أربع سنوات بسببه.المصيبة يا جماعة الخير أنكم ستفاجؤون بالدفعة الجديدة من المرشحين، والذين منهم أناس سيسبون ويلعنون فترة سابقيهم، فقط ليضمنوا حصد أصواتكم من جديد، حينما تصدقون من سيقول لكم: «خلاص» أنا هنا، فقط أعطوني صوتكم الانتخابي و»أبشروا».والكارثة أن يكون مثل سابقه أو ألعن، وتكون بشارته بـ «تلبيسكم في الحيط» لأربع سنوات أخرى.رجاء من الناس اختاروا «القوي الأمين»، ورجاء ممن يريد أن يدخل البرلمان؛ إما أن تدخل بنية صادقة من أجل الناس، وإلا فاجلس في بيتك واكفهم شرك، إذ يكفي هذا المواطن ما يعانيه، لا تزيدوا معاناته قهــــــراً وضغطاً وأعصاباً حتى «تتنعموا» أنتم.