لم تكترث الولايات المتحدة الأمريكية كثيراً بمصالحها مع دول مجلس التعاون الخليجي، فالفكرة اليوم ليست في إلغاء مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وإنما إلغاء مصالحها مع الأنظمة الحاكمة في دول الخليج العربية.واشنطن لا تؤيد التفريط في نفط الخليج الذي يزيد على 464 مليار برميل كاحتياطي نفطي مؤكد، ولكنها تؤيد التخلي عن حلفائها القدامى في المنطقة لأنها أوجدت البديل في جماعات راديكالية تجاه أنظمتها، ولكنها ليست راديكالية تجاه المصالح الأمريكية وكذلك مصالح إسرائيل.للمرة الثانية على التوالي، وفي نفس المكان بمقر الأمم المتحدة تصدم الإدارة الأمريكية دول مجلس التعاون الخليجي عندما أكدت عدم حرصها على العلاقات الأمريكية - الخليجية، وتؤكد أيضاً أن مسألة التحالفات التاريخية مجرد فكرة للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.لنتذكر قليلاً، ففي المرة الأولى خلال سبتمبر 2011 دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى ضرورة الاستماع للوفاق في خطوة كانت إعلاناً رسمياً بدعم إدارته لها. حينها كانت المكافأة الإيرانية سريعة عندما أعلنت طهران إفراجها عن مواطنين أمريكيين محتجزين في الأراضي الإيرانية.يتكرر المشهد ذاته في مقر الأمم المتحدة أيضاً وخلال سبتمبر الماضي، أي بعد سنتين على الموقف الأول ليظهر الرئيس أوباما من جديد ويصنف البحرين من ضمن بلدان التوتر الطائفي كما هو الحال بالنسبة لكل من العراق وسوريا التي تشهد مجازر يومية. فماذا كانت المكافأة الإيرانية؟سريعاً قام سفير طهران لدى الأمم المتحدة بالموافقة على الطلب الأمريكي بإجراء اتصال هاتفي بين الرئيسين أوباما وروحاني، رغم الاستجداءات التي قام بها البيت الأبيض لعقد اجتماع «عابر» بين الرئيسين!حالة التناغم في المصالح بين واشنطن وطهران واضحة اليوم، وباتت أكثر وضوحاً إثر التراجع المفاجئ للبيت الأبيض عن قرار توجيه ضربة عسكرية ضد النظام السوري. ولذلك لا نستغرب من موقف الأسد عندما أشاد بالتقارب الأمريكي - الإيراني.ما هو التبرير الأمريكي لحلفائها الخليجيين عن توجهها للتقارب مع طهران؟لن يكون هناك تبرير، ولكنها سياسة كسر الوعود كاتجاه عام في السياسة الخارجية الأمريكية، وبالتالي ليس مهماً من وجهة نظر أمريكية تضرر الحلفاء في الخليج.في ضوء هذه التطورات باتت الحاجة ملحة لموقف وتحرك خليجي مشترك تجاه التطورات الإقليمية، وتجاه مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة. ومن الضروري أن تدرج هذه المسألة ضمن أجندة القمة الخليجية المقبلة.
Opinion
الخليج بدون الأمريكان «2»
01 أكتوبر 2013