في الوقت الذي تقول فيه النائبة إبتسام هجرس إنها ستسأل وزير الإسكان في بداية دور الانعقاد المقبل بشأن تأخر صدور معايير الإسكان، يؤكد خبراء عقاريون أن البحرين بحاجة إلى 84 ألف وحدة سكنية حتى عام 2020.دولة صغيرة المساحة والسكان مثل البحرين يفترض أن مشكلة السكن فيها قد حلت منذ سنوات، لكن للأسف نعاني اليوم من تفاقم هذه المشكلة لأسباب عديدة على رأسها سوء التخطيط.بخصوص معايير الإسكان، الحديث عن إلغاء اشتراط دمج راتب الزوجين كان قبل عامين بالتحديد، ولكن لم يتم الإعلان عن ذلك إلا مؤخراً وباعتماد فصل الراتبين واعتبار معيار راتب الزوج فقط، وهي بحد ذاتها مسألة لا تحل المشكلة إلا جزئياً، بيد أن كثيراً من المواطنين يقولون إن حتى هذا الشرط لم يدخل حيز التنفيذ.أما بخصوص المساكن، فإن الحاجة إلى 84 ألف وحدة سكنية في غضون 7 سنوات تجعل آمال كثير من المواطنين في الحصول على منزل وفق ما ألزمت به الدولة نفسها كحقوق للناس، تجعل هذه الآمال موضع شك، إذ لدينا في الأساس قوائم انتظار طويلة، وبناء على المعطيات فإن المشكلة ليست آخذة في التناقص بل متجهة للتفاقم.دائماً ما نتحدث عن الأولويات، وبشأن المواطن البحريني فهو الذي طالما تحدث وقال و«بح» صوته، إن أولوياته تتعلق برفع مستواه المعيشي كدخل إضافة لتحسين الخدمات وتسهيلها على رأسها الإسكان.ما قاله الخبراء العقاريون لـ «الوطن» يوم أمس يشير إلى وجود 60% من مناطق البحرين غير مخططة وغير مصنفة، وهي مسألة من شأنها حل أية إشكالية تتعلق بقلة المساحات لبناء مشاريع إسكانية. أدرك تماماً أن من المقترحات التي يقولها الخبراء وحتى بعض مسؤولي الإسكان أن أحد الحلول هو الاتجاه للبناء العمودي، لكن الحق يقال هنا، ولنسأل الناس، كم نسبة البحرينيين الذين يريدون أن يعيشوا في بلدهم في «شقق» سكنية بدلاً من امتلاكهم بيوت؟!التحدي ليس بوضع المواطن على المحك ومحاصرته في زاوية، بأن يقبل الانتظار طويلاً، بل التحدي أن تجتهد الدولة لتوفر للمواطن احتياجاته، ومن حق المواطن الحصول على وحدة سكنية طالما هي من حقوقه التي أصلاً يدفع عليها مقابلاً وليست بالمجان، وطالما الدولة تعهدت بذلك.هناك مساحات شاسعة في البحرين، كثير منها بنيت عليها مشاريع خاصة قد يعجز المواطن البسيط صاحب الراتب المتوسط في الاستفادة منها، إلا إن أراد العيش بحد الكفاف، في حين الخدمة الإسكانية الحكومية تعتبر حلاً للكثيرين، لكن الانتظار طال لسنوات، في ظل وضع اشتراطات حرمت الكثيرين، وحتى تعديلها يحرم الكثيرين أيضاً، وللأسف نحس أن بعض المسؤولين يظن أننا نشتمهم إن قلنا إن من حق كل بحريني الاستفادة من الخدمة الإسكانية دون تمييز، وإن عملية التفضيل والأسبقية يجب أن توضع لها معايير تراعي حاجة الفرد وظروفه.عموماً، المسألة ليست مستحيلة لكن حلها مرهون بالتخطيط الصحيح مع ضرورة وضع المشكلة الإسكانية كـ «أولوية قصوى» على حساب كثير من الأمور الأخرى التي بعض منها «ترف» يمكن الاستغناء عنه، أو مشاريع ليست تمس صميم حياة المواطن بناءً على «هرم الحاجات الأساسية» لماسلو الذي يضع الاحتياجات «الفسيولوجية» من أمن غذائـــي وأمن معيشي في مرتبة الاحتياجات الأولى.أكتب ذلك وأتذكر مبلغ الدعم الخليجي «المارشــال»، وماذا لو كان وجه بالكامــل لحل مشكلة الإسكان، يضاف إليه عديد من المبالغ بالملايين التي اتجهت صوب مشاريع أخرى واحتفالات ومهرجانات.يمكن حل مشكلة الإسكان، وأعرف أن الحلول ليست بسهولة الكلام وببساطة كتابة حروف وكلمات هنا، لكن أقول إن الحل ممكن لو وضعت القضية كتحد أول ورئيس للدولة تحدد له ميزانية ضخمة وتخصص له مساحات شاسعة وسقفاً زمنياً يلتزم به دون قبول أي تأخير مع إدراج جميع شركات الإنشاءات والبناء في المسألة لتسريع وتيرة العمل. لا يوجد شيء مستحيل، حتى المستحيل يمكن كسره لو وجدت العزيمة والإرادة والرغبة والتركيز.