الفارق بين مصر والبحرين فيما يخص قصة التمرد هو أنه في مصر وقع أكثر من 22 مليون مصري على عريضة التمرد في الشوارع في وضح النهار وأمام الكاميرات وأعين الإخوان المسلمين، وقعوها نهاراً جهاراً دون خوف ولا ريبة ولا تردد، وعرضوا الوثيقة أو الوثائق على الجميع وأولهم الحكومة ليؤكدوا صدقيتهم، أما في البحرين التي استنسخ البعض الفكرة وسعى إلى تطبيقها هنا هكذا دون حتى دراستها؛ فإن التوقيع على العريضة يتم بطريقة مثيرة للضحك والسخرية، وبغض النظر عن أن التوقيع يتم على قطعة قماش فإن الموقعين عليها من الذين يتم تصويرهم يتم نشر صورهم بطريقة لا يعرف من يشاهد الصور هوية الموقع على العريضة، وذلك بتغبيش الوجه أو تغطيته أو التصوير من الخلف أو الاكتفاء بإظهار اليد الممسكة بالقلم للتوقيع، أما الذين يتم تصويرهم بشكل فعلي فهم الأطفال وبعض كبار السن، وأحياناً واحد أو اثنين من المعممين. وهذا يعني أن عملية التوقيع تتم في أماكن سرية!ما لم ينتبه إليه المعنيون بهذا الموضوع هو أن هذا النوع من الصور يعطي تأثيراً سالباً وليس موجباً، فأي قيمة لصور يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يبدو «أبطالها» خائفين يرتعدون من ممارسة فعل بسيط كهذا؟ وإذا كان الذين يتوقع مشاركتهم في تمرد 14 أغسطس خائفين من إظهار وجوههم وهم يوقعون على الوثيقة التي سيعتمد عليها للتمرد كونها مفتاحه وخطوته الأولى فأي فعل شجاع يمكن أن يقوموا به في الميدان في اليوم الموعود؟! تريد أن تتمرد، ببساطة قل أنا أتمرد وهذا هو توقيعي وهذا هو وجهي، أنا فلان بن فلان، فالتمرد صورة من صور التحدي الذي يتطلب الشجاعة وليس الجبن. ترى أي خوف يمكن أن يبثه المتمرد الخائف من نشر صورته وهو يوقع على وثيقة التمرد في نفس الحكومة؟ وأي تأثير يمكن أن يكون لهذا الخائف في الميدان في يوم التمرد؟ الحكومة لا تخاف من المتمردين الذين يعلنون عن أنفسهم وبقوة، فكيف تخاف من الذين يوقعون وثيقة التمرد في الخفاء ووجوههم غائبة أو مغبشة؟ إن ما يقوم به ذلك البعض مثيراً للضحك وللسخرية، وهو يعني باختصار أن المؤيدين لفكرة التمرد المسروقة من مصر قلة قليلة لا قيمة لها ولا تأثير، ويعني أن الذين يقفون وراء العريضة أو الوثيقة يعلمون جيداً أن العدد الإجمالي للتوقيعات رقم مثير للشفقة وأنه لا قيمة له ولا تأثير، وإلا لما اختاروا التوقيع على قطعة قماش، حيث التوقيع هنا ليس للذكرى ولكن لبيان أن الذين أعلنوا التمرد أعداد غفيرة وأن هذه الوثيقة تثبت أنهم لا يريدون الحكومة أو أنهم يريدون إسقاط النظام، وأنهم من القوة ما يجعل الحكومة تقدم التنازلات وتلين لهم. عدا هذا لا قيمة للوثيقة والتوقيعات مثلما أنه لا قيمة للموقعين عليها لأنهم جبنوا حتى بالإعلان عن أنفسهم. التمرد تحدٍ، والمتحدي لا يغرس وجهه في الرمل ولكنه يقف كالطود الشامخ ويقول أنا الذي أتحدى، أنا المتمرد، أنا من سترون فعله يوم 14 أغسطس. فهل هؤلاء الذين ضربوا على صدورهم وقالوا إنهم سيتمردون يمكن أن يفعلوا شيئاً سوى الإساءة إلى أنفسهم حين تحين ساعة الجد؟ ما يحدث هو تعبير عن التخبط وعن الإحساس بالهزيمة، وأقولها للمرة الألف؛ إن أقصى ما سيفعله ذلك البعض القليل الخائف من البروز وراء توقيعه هو حجز بعض الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات وبعض ما قد تصله أيديهم من مخلفات وإلقاء زجاجات المولوتوف (السلمية) على رجال الأمن ودورياتهم.. عدا هذا «هرار»!