ما أكثر ما تصورنا ونحن في سن المراهقة أن آباءنا رجعيون أو لا يواكبون حركة الزمن، لذلك يصرون على مواقفهم ولا يهتمون لحركة التغيير في الحياة التي يحيون. نعتبرهم غير مؤهلين لمعرفة القضايا الجديدة، وأننا أكثر فهماً منهم للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية. من هنا فإننا ونحن نعيش معهم، نعتبرهم من الشخصيات التي عفى عليها الزمن، هل هم كذلك أم أن تصوراتنا قاصرة عن فهم طبيعة الحياة، أو دورة الحياة، في حركتها التي لا تتوقف عن الدوران؟.قبل فترة قصيرة وعبر الإيميل أرسل لي الصديق الفنان يعقوب يوسف رسالة نصية جميلة أحببت أن أتشارك فيها مع القارئ الكريم، يقول النص.• وأنا عمري 4 أعوام؛ أبي هو الأفضل.• وأنا عمري 6 أعوام؛ أبي يعرف كل الناس.• وأنا عمري 10 أعوام؛ أبي ممتاز ولكن خلقه ضيق.• وأنا عمري 12عاماً؛ أبي كان لطيفاً عندما كنت صغيراً.• وأنا عمري 14 عاماً؛ أبي بدأ يكون حساساً جداً.• وأنا عمري 16 عاماً؛ أبي لا يمكن أن يتماشى مع العصر الحالي.• وأنا عمري 18 عاماً؛ أبي ومع مرور كل يوم يبدو كأنه أكثر حدة.• وأنا عمري 20 عاماً؛ من الصعب جداً أن أسامح أبي، أستغرب كيف استطاعت أمي أن تتحمله.• وأنا عمري 25 عاماً؛ أبي يعترض على كل موضوع.• وأنا عمري 30 عاماً؛ من الصعب جداً أن أتفق مع أبي، هل يا ترى تعب جدي من أبي عندما كان شاباً.• وأنا عمري 40 عاماً؛ أبي رباني في هذه الحياة مع كثير من الضوابط، ولابد أن أفعل نفس الشيء.• وأنا عمري 45 عاماً؛ أنا محتار، كيف استطاع أبي أن يربينا جميعاً.• وأنا عمري 50 عاماً؛ من الصعب التحكم في أطفالي، كم تكبد أبي من عناء لأجل أن يربينا ويحافظ علينا.• وأنا عمري 55 عاماً؛ أبي كان ذا نظرة بعيدة وخطط لعدة أشياء لنا، أبي كان مميزاً ولطيفاً.• وأنا عمري 60 عاماً: أبي هو الأفضل.جميع ما سبق احتاج إلى 56 عاماً لإنهاء الدورة كاملة ليعود إلى نقطة البدء الأولى عند الـ 4 أعوام «أبي هو الأفضل»، ثم يختتم كلامه بالقول: فلنحسن إلى والدينا قبل أن يفوت الأوان ولندع الله أن يعاملنا أطفالنا أفضل مما كنا نعامل والدينــــا. قـــال تعالـــى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرا).بعد قرأتنا لهذا الكلام الجميل؛ هل ترانا سنظل على نفس الأفكار الخاطئة، الأفكار التي تعني أننا لا نفهم الدورة الحياتية للإنسان في إي زمان ومكان، وكيفية مرورنا بنفس الأدوار التي عاشها قبلنا الآباء والأجداد.علينا أن نتعلم من الكلام السابق الرائع، أنه من الواجب علينا أن نكون أكثر تواضعاً في أفكارنا، لأن أطفالنا الآن، من يعتبروننا أكثر جهلاً منهم، سيمرون بنفس الأدوار التي عشناها.
Opinion
أنت لست أكثر من أبيك
31 أغسطس 2013