تصريحان لسمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة أدلى بهما أخيراً، ولخص بهما واقعاً رأى أنه ينبغي العمل على تغييره، الأول انتقد فيه بعض القيادات المجتمعية التي يفترض أن يكون لها دور موجب فقال: «هناك قيادات مجتمعية أثبتت مرة تلو أخرى عدم مقدرتها في السيطرة على الانفلات، وبعضها اتضح أنها لا تريد بذل جهد في هذا السبيل»، والثاني عبر سموه من خلاله عن ضيق المواطنين والمقيمين مما يحدث من أعمال مسيئة، فقال: «نفد صبر الناس من جراء الأعمال غير المسؤولة والتي تجر الوطن لمهاترات لا طائل منها». وبغض النظر عن المقصودين في التصريح الأول؛ إلا أن الأكيد هو أن سلبية تلك القيادات المجتمعية بعدم اهتمامها وعدم بذلها أي جهد في سبيل التهدئة أو عدم قدرتها على السيطرة على الانفلات؛ مسألة ينبغي معالجتها بمحاسبة تلك القيادات، ودفعها نحو أن يكون لها دور إيجابي ومؤثر، لأنها مسؤولة قبل غيرها عما تشهده البحرين من أحداث تتصاعد، فالشطارة ليست في إخراج الناس إلى الشوارع فقط؛ ولكنها كذلك في القدرة على لجم تطرفهم ووقفهم عند حدهم إن تجاوزوا واستغلوا مساحة التعبير التي يتيحها لهم القانون في إيذاء الآخرين والإساءة إلى الوطن. مسؤولية وضع حد لما يحدث في بلادنا اليوم يفترض أنها تقع على عاتق تلك القيادات التي ينبغي أن يكون لها دور في إدارة المشهد، وليس التفرج عليه، وكأن الأمر لا يعنيها. تلك القيادات على اختلافها هي التي حركت الشارع، وهي التي شحنت البسطاء وحرضتهم، واليوم مسؤوليتها وضع حد للانفلات الذي سيودي بهم وبالوطن إلى التهلكة. أما إن كانت تلك القيادات بالفعل لا تستطيع عمل شيء في هذا الخصوص، فعليها أن تعطي الفرصة لمن يستطيع أن يسيطر على انفلات الشباب الصغير سناً وعقلاً، والذي من الواضح أنه لا يدرك ما يقوم به ولا ما يؤدي إليه فعله المتمثل في تنفيذ الأعمال غير المسؤولة التي نفد صبر الناس منها. المؤسف في موضوع كهذا؛ ليس فقط أن بعض تلك القيادات المجتمعية لا تريد أن تبذل جهداً جاداً في سبيل وقف الانفلات، لكنه أيضاً في عدم قدرتها على ذلك، حيث الواقع يؤكد أن القيادات الوفاقية أو الوعدية، على سبيل المثال، لم تعد تمتلك القدرة ولا حتى الجرأة على منع ائتلاف فبراير أو الطلب منه وقف نشاطه المؤذي للوطن وللمواطنين، بل والمسيء للجمعيات السياسية نفسها.والواقع يؤكد أيضاً أن هذه القيادات صارت تابعة لقيادات الائتلاف ومنفذة لقراراتها، لأنها تدرك جيداً أنها إن لم تفعل ذلك ضاعت وهمشت، فالشارع محكوم من تلك «القيادات» غير المسؤولة وغير المدركة لـ»تلايا» أفعالها. واقع الحال يقول إن القيادات المجتمعية المنتمية إلى الجمعيات السياسية لم يعد لها حول ولا قوة، وأنها صارت تابعة لقيادات أخرى أقل منها خبرة وتجربة وتاريخاً ومكانة، لكنها أكثر منها تأثيراً في الشارع، لذا فإن التعويل على هذه القيادات لن يثمر أي شيء، ولأن القيادات المجتمعية الأخرى غير معترف بها ولا يمكن العمل معها في كل الأحوال، لذا فإن هذا الباب يعتبر مغلقاً ولا فائدة منه والأفضل اعتباره منتهياً. لكن ما هو البديل؟ هل يمكن بالفعل وضع حد لما يحدث والسيطرة على الانفلات دون هؤلاء أو أولئك؟ هل يمكن الركون إلى الحل الذي لم ينتج طوال السنتين الماضيتين ما يوقف ذلك الانفلات ويعيد الأحوال إلى ما كانت عليه قبل فبراير 2011؟ في اعتقادي أنه لا هذا ولا هذا ينفع لحل مشكلتنا، ربما كان الحل في تشكيل فريق من الحكماء مهمته الأساسية تقريب وجهات النظر وفرض الحلول الواقعية.