كان لافتاً تحرك بعض دول مجلس التعاون الخليجي للمشاركة في تغيير المعادلة في مصر ودعمها لمحاولات سحب البساط من تحت رِجل الإخوان المسلمين الذين لم يثبتوا أنهم قادرون على إدارة البلاد، الأمر الذي تسبب في حصول موجة ثورية جديدة أدت إلى خسارتهم كرسي الحكم. التدخل الخليجي، غير المعلن، والدعم المادي الكبير الذي تم الإعلان عنه فور إزاحة الرئيس محمد مرسي عن كرسي الحكم يطرح سؤالاً مهماً؛ هل أن دول التعاون قادرة على أن تكون مشاركة ومؤثرة في صياغة حاضر ومستقبل المنطقة العربية؟ وهل تلك القدرة نابعة من توفر المال لديها فقط أم أنها تمتلك بالفعل ما يجعلها قادرة على تغيير المعادلات والموازين في المنطقة؟ هذان السؤالان يقودان إلى سؤال ثالث؛ هل أن «الثورات» العربية سواء التي تمت أو الآتية مستقبلاً سيكون مصيرها المصير الذي تريده لها مجموعة دول التعاون؟ ما لا يختلف عليه اثنان اليوم هو أن التغيير الذي حصل في مصر وبسرعة لافتة كان بالتنسيق بين جهات وأفراد في مصر وبين أطراف أخرى بينها بعض دول التعاون التي لم تتأخر عن الإفصاح عن دورها عبر الدعم المادي الذي بلغ 12 مليار دولار. هذا يعني أن سر مجلس التعاون «باتع» كما يقول المصريون، ويعني أن مجلس التعاون من القوة بمكان ما يتيح له التحكم في المشهد. لعل السؤال التالي يضيف إلى ما سبق مفيداً؛ هل القوة التي ظهرت بها دول التعاون -أو بعضها- في المشهد المصري تعني أنه صار لدول المجلس القدرة على توفير المظلة الأمنية لنفسها في حال توصلت إيران مثلاً إلى قدرات نووية؟ بمعنى آخر هل ما قامت به دول التعاون من دور في مصر يعطيها الإحساس بالأمان والثقة في القدرات؟ هنا سؤال أكبر؛ هل تمارس دول التعاون دوراً ما سيؤدي بعد حين إلى تغيير النظام في إيران أو على الأقل تغيير تفكيره وجعله يتوقف عن مشروع تصدير الثورة وبرنامجه النووي؟ هل النجاح الذي حققته دول التعاون في مصر وأدى إلى قلب المعادلات هناك وإحداث تغييرات كبيرة في المشهد السياسي المصري والعربي بشكل عام يعطي دول التعاون دافعاً لمحاولة إحداث تغييرات كبيرة في المشهد الإيراني؟ هل هي قادرة فعلاً على هذا الأمر؟ وهل هي بالفعل تعمل في هذا المسار ولكن في الخفاء؟ ما حدث في مصر يعني أن دول التعاون ليست سهلة، كما كان يعتقد البعض، ولا يمكن أن تكون لقمة سائغة لأي طرف مهما كان مؤثراً ومتقدماً عسكرياً ونووياً، لكن هذا أيضاً ينبغي أن يوفر الإحساس بالأمان لدى مواطني دول المجلس وليس لدى القيادات فقط، فهل يمكن أن يؤدي ما حدث في مصر وما ترتب عليه من بروز للقوة الخليجية إلى توفير الإحساس بالأمان لشعوب دول التعاون، خصوصاً في ما يخص المفاعل النووي الإيراني وما يدور من كلام عن قرب امتلاك إيران للقنبلة النووية التي يمكن بها أن تتحكم في المشهد السياسي الخليجي؟ وهل يوجد توافق في الرؤية الخليجية من شأنه أن يوجد دوراً وموقفاً خليجياً موحداً تجاه الجارة النووية؟ أم أن التوافق الخليجي الذي شاهدناه في قضية مصر، سواء كان مكتملاً أم غير مكتمل، لن نشاهده في قضايا أخرى؟ هذه الأسئلة كلها تشغل بال المواطن الخليجي وتقلقه، فهو يريد منظومة خليجية قوية في كل حين وقوية في كل مكان، وليس قوية في بعض حين وبعض مكان، بل إنه يريد منظومة خليجية قوية وقادرة على حمايته من أي تهديد يأتي سواء من الجوار.. أو من الداخل المهووس بالجوار!
Opinion
دول التعاون والداخل المهووس بالجوار!
30 يوليو 2013