سأبدأ من بيان السفارة الأمريكية وأنتهي بالخطوة غير الحكيمة لما يسمى «بأصدقاء البلدية»!من يريد الإصلاح ومن يريد الاستقرار ومن يريد الأمن في البحرين لا يقوم بحركة ملتوية لا تخلو من الخبث كالتي قام بها السفير الأمريكي مع مبعوث أوباما، حتى وإن حمل المبعوث في طيات رسالته دعوة للتهدئة وهذه في الغالب صحيحة، إلا أن تعمد تجاهل الطرف الآخر أرسل رسالة خاطئة لجميع الأطراف بما فيها عيسى قاسم نفسه، رسالة لا يرقعها بيان السفارة، فاللبس المقصود حصل والرسالة المزدوجة وصلت، ولو كنت من وزارة الخارجية الأمريكية وكان المبعوث يحمل فعلاً رسالة تهدئة لحاسبت من تسبب بهذا الخطأ الجسيم، إلا إذا كان «الخطأ» ليس خطأ!!نحن نقدر اهتمام الولايات المتحدة بالأمن في البحرين ونقرأ ما يتردد حول إعادة النظر في هذا الشيخ الذي تحول من مصلح إلى داعية للعنف، وبالتأكيد تقرؤون معنا المشهد السياسي وترون بأنفسكم كيف تحول هذا الرجل إلى عبء على أي خطوات تصالحية أو خطوات للتهدئة، ولو كان لديكم أي اهتمام باستقرار البحرين وبالتهدئة في البحرين فإنكم في نهاية الأمر تحركتم بعكس ذلك الاتجاه حتماً ولا يهم بقصد أو بدون قصد.تأتي هذه الحركة الملتوية في الوقت الذي تصرح إيران بتهديد البحرين علانية وترسل طائرة تجسس، وتملي على الوفاق خطواتها بتنصيب عيسى قاسم إله العصر والزمان لتكتمل حلقات الفتنة بمساعدتكم وبدعمكم.لنفتح باب التساؤل هل هو فخ منصوب لجر البحرين إلى اقتتال طائفي تقوده الوفاق وخادم الخادم الإيراني؟ هل هو استفزاز مقصود لتحريك المتطرفين من الأطراف الأخرى الذين يتململون في أماكنهم؟ هل هو دفع للاعتدال كي يصطف مع التطرف وإحراج له؟ لهذا فإننا نرفض تماماً تلك الفكرة غير الحكيمة التي تمخض عنها بعض المتهورين وأسموها «أصدقاء البلدية» فحربنا وكفاحنا ومعركتنا من أجل أن تنتصر وتثبت «دولة القانون والمؤسسات» لا دولة المليشيات.فليس الحل بخلق المليشيات مقابل المليشيات الإرهابية، فذلك هو التهور بعينه خاصة أن الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها على أكمل وجه. ودعوتنا لتفعيل القانون كانت منذ فشل المحاولة الانقلابية على الميثاق الوطني والدستور إلى هذه اللحظة، هي للقضاء على المليشيات الإرهابية التي ملأت أرض البحرين خراباً وحرقاً وتدميراً بأوامر إيرانية منذ 14 فبراير 2011 إلى اليوم، ولم يعد الدور الإيراني مخفياً فيها. وكون المجتمع البحريني والمقيمين معه قد صبروا وبلعوا ألف موس ولم يعملوا على تحقيق أمنهم بأيديهم، إنما كان ذلك إيماناً واحتساباً وثقة بالمؤسسة الأمنية وبالقانون وبالمؤسسة القضائية، باختصار ثقة بالدولة، وليس عجزاً وخذلاناً وضعفاً أو هواناً، رغم ما يعتري أفراد وجماعات المجتمع البحريني من موجات الغضب نصرة لوطنهم ولأرضهم، وهذا العشم فيهم وفي شبابهم بل وفي نسائهم، إنما واجب المجتمع والمطلوب منه أن يترك مسألة حفظ الأمن للأجهزة الأمنية كي تقوم بواجبها، وإلا ما الداعي لوجود قانون للمؤسسات الأمنية وما الداعي لوجود مؤسسات أمنية؟ وما الداعي إذاً لوجود دولة؟أرجو التنبيه أن الفخ منصوب للدولة، وأن الفخ منصوب من خونة هذا الوطن كي يثبتوا أنه لا وجود للدولة، الدولة تمتحن ها هنا، ويمتحن كيانها هنا، ونعين الدولة ونهزم من خانها بالثبات على قوانينها وبترك مؤسساتها الدستورية أن تقوم بواجبها. إن الاستفزاز هو لدفع الطرف الآخر بالكفر بالدولة وبقدرتها على الثبات فلا ننجر لما نصب لنا.ناهيك أن اختصاصات وصلاحيات «الضبط القانوني» لها تنظيمات وضوابط ولا تصدر حتى لمفتشي البلدية إلا بقانون ينظم عملها ويقيد اختصاصاتها ويراقب أداءها ويضعها تحت طائلة القانون وإشرافه، فرجاء صححوا هذه الخطوة غير المدروسة وغير المحسوب حسابها، وأبقوا على كيان الدولة قوياً معززاً. الأمر الثاني هو أن «طول بال» المؤسسة الأمنية لا يأتي من ضعف ولا من عجز ولا من نقص في الرجال، بل هي ضوابط أمنية وقيود على كل رجال الأمن في كل دول العالم، الفرق هو أن ما يحدث في البحرين يعرض على شاشات العالم عبر المحطات الأمريكية بشكل خاص لوضع مزيد من الضغط على رجال الأمن لأغراض لم نعد نجهلها. فلا يقودنا هذا الفخ أو غيره للمحظور، ولا تقودنا هستيريا خادم الخادم للمحظور، إنها عملية خلط أوراق مقصودة تهدف إلى استفزاز السنة بعد أن فشلوا في المرة الأولى، فما التصعيد والهستيريا الوفاقية، وما حركة السفير إلا عامدة إلى استفزاز المكونات البحرينية الأخرى وخلق حالة من الفوضى تخلط الأوراق وتربك الساحة.ما تقوم به الأجهزة الأمنية الآن في البحرين يستحق التقدير ويستحق أن نرفع له القبعة احتراماً وتقديراً على المهنية الراقية التي وصلوا لها، وهم قادرون على حفظ الأمن ولن نقع في الفخ المرسوم، نحن أوعى من ذلك بكثير.فرجال الأمن يصلون الليل بالنهار من أجل تحقيق معادلة لم تحدث في تاريخ الأمن في العالم، ولم يدرب عليها أي من الأكاديميات الشرطية، فرجال الأمن البحرينيون اكتسبوا مهارات ممكن أن تدرس في الأكاديميات العسكرية لكيفية حفظ الأمن الوطني وحفظ أمن الإرهابيين في ذات الوقت!!ورغم أن رجل الأمن في بريطانيا أو في أمريكا يجد دعماً من كل القوى السياسية في وطنه بما فيها قوى المعارضة فيتحرك وظهره محمي من المجتمع قبل أن يكون محمياً من الحكومة ومؤسسته العسكرية، إلا أن رجل الأمن البحريني يعد «مرتزقاً» بالنسبة للأحزاب الخمسة التي تعمل تحت الإطار الدستوري، كجناح سياسي للمنظمات الإرهابية تماماً كما «لحزب الله» جناح سياسي وجناح عسكري، فالبحرين ليست استثناء ومثلما تحالف عون المسيحي مع حزب الله لمصالح ضيقة أتت على حساب المصالحة اللبنانية تحالفت قوى اليسار مع منظمات إرهابية أيضاً لمصالح ضيقة.إنما رغم هذا كله، نؤكد بأننا لن نقع في فخ الفوضى المنصوب والمقصود، ولن نستدرج لما نصب لنا، ولن نستجيب لهستيريا خادم الخادم ولا لألاعيب السفير المكشوفة، التشديد على أن حفظ الأمن واجب الأجهزة الأمنية فحسب ووفقاً للضوابط القانونية فحسب، وكلنا ثقة بهم وبالدولة.