بات المشهد الإقليمي أكثر وضوحاً في الشرق الأوسط بعد ظهور اتجاه قوي لتصنيف حزب الله اللبناني - الإيراني كتنظيم إرهابي ناشط في المنطقة، وهي خطوة من شأنها تغيير معادلة الصراع الإقليمي في المنطقة.حزب الله الإرهابي تأسس بعد الاجتياح الإٍسرائيلي للأراضي اللبنانية في العام 1982، ورغم ذلك فإن خطوة تصنيفه كتنظيم إرهابي من دول المنطقة جاءت متأخرة كثيراً، حيث جاءت بعد 31 عاماً من تأسيس الحزب. ومع ذلك فإنها خطوة استراتيجية هامة لا يمكن تجاهلها في ظل حالة استقرار الفوضى في المنطقة التي بدأت بنهاية ديسمبر 2010. شعبية هذا التنظيم الإرهابي باتت في الحضيض أكثر من أي وقت مضى، وتحول الأصدقاء والمناصرين فجأة إلى أعداء بعد موقف الحزب من الأحداث الجارية في سوريا، وتورطه العسكري المباشر. فالزخم الإعلامي والتأييد الشعبي الذي ناله الحزب في المنطقة بسبب تحوله إلى تنظيم مقاوم للكيان الصهيوني انتهى من غير رجعة على الأرجح، وصار الحزب كغيره من التنظيمات الإرهابية التي عانت المنطقة من أيديولوجياتها وأنشطتها الإرهابية. الشعوب العربية اختلفت نظرتها كثيراً تجاه حزب الله الإرهابي، فالحزب ليس ذلك الحزب الذي كان مقاوماً لـ»قوى الاستكبار العالمية»، وليس ذلك التنظيم الذي بات هدفه تحرير الأراضي الفلسطينية نحو القدس الشريف. بل صار الحزب الإرهابي عبئاً على منطقة الشرق الأوسط، وأضراره أكبر بكثير من فائدته، وهو ما خلق قناعة عامة على المستوى الشعبي أولاً بضرورة اجتثاثه من المنطقة بشكل كامل. وحتى الأعذار والأسباب التي يسوقها قادة الحزب بشأن تورطه العسكري المباشر في أحداث سوريا غير مبررة وغير مقنعة ومثار استياء منقطع النظير اليوم. أما على المستوى الرسمي، فإن حكومات دول الشرق الأوسط صارت تتوجس من أنشطة الحزب وفروعه في المنطقة، وصارت لديها قناعة بخطورته على المديين المتوسط والبعيد، فارتباطه بالثيوقراطية الإيرانية صار علنياً، وتبنيه لأجندة طهران من تصدير الثورة وغيرها باتت علنية، وبالتالي هناك حاجة ماسة لتغيير طبيعة المشهد السياسي الإقليمي. فجزء من محاولات إنهاء حالة استقرار الفوضى تتطلب محاصرة أحد أطراف الصراع الإقليمي، وهو طرف فاعل ونشط وخطر في الوقت نفسه، ولديه الإمكانات والقدرة على إشعال حرب إقليمية، وإثارة صراعات داخلية عميقة داخل الأنظمة السياسية العربية التي باتت غير مستقرة اليوم ليزيد صراعها صراعاً.حصار حزب الله الإرهابي ظل لنحو أكثر من ثلاثة عقود حصاراً دولياً من دون طرف إقليمي من الشرق الأوسط باستثناء الكيان الصهيوني، واليوم المعادلة بدأت بالتغير بعد دخول البحرين على الخط، وتصنيف الحزب بأنه تنظيم إرهابي، وهي بداية لخطوة أخرى مقبلة يتوقع أن تكون دول مجلس التعاون الخليجي طرفاً فيها لتشجع بقية الدول العربية على اتخاذ خطوات مماثلة نحو حصار إقليمي لهذا الحزب.كل من الولايات المتحدة، وكندا، وهولندا، والكيان الصهيوني تعتبر حزب الله تنظيماً إرهابياً بكافة فروعه، وانضمت البحرين لهذه المجموعة في تصنيف الحزب، في حين تتعامل كل من بريطانيا وأستراليا بأنه تنظيم إرهابي فيما يتعلق بأنشطته العسكرية فقط. هذه الدائرة الدولية المحدودة بحاجة إلى مزيد من التوسيع لإضافة أطراف أخرى في حصار حزب الله الإرهابي نحو اجتثاثه كلياً. اللافت أن دول الاتحاد الأوروبي لم تتعامل بشكل جماعي في التعامل مع حزب الله كتنظيم إرهابي، رغم تورطه في نسف مقر القوات الأمريكية والفرنسية خلال أكتوبر 1983، وهي العملية التي أسفرت عن مقتل نحو 300 جندي فرنسي وأمريكي.حصار حزب الله الإرهابي على المستويين الإقليمي والدولي من شأنه أن يغير معادلة الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط، حيث مازالت بؤرة الصراع السورية مشتعلة، وطرفاها ليس نظام الأسد الحاكم من جهة والشعب السوري من جهة أخرى فحسب، وإنما فيها أطراف إقليمية مثل إيران والعراق وحزب الله، وأطراف دولية مثل دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية. تضييق الخناق على حزب الله كتنظيم إرهابي من شأنه الضغط على الحزب داخل بؤرة الصراع السوري، والحد من أنشطته إقليمياً كما هو الحال في البحرين الذي يمتد تورطه فيها إلى ثمانينات القرن العشرين. ومن المتوقع أن تختلط أوراقه في منطقة الخليج العربي بوجود شبكة واسعة بخلايا نشطة ونائمة. من المتوقع أن تثير هذه الخطوة ردة فعل عنيفة لدى الحزب خلال الفترة المقبلة، وقد ينتج عنها زيادة كم العمليات التقليدية، أو حتى ظهور نقلة نوعية في طبيعة الأنشطة الإرهابية للحزب في دول مجلس التعاون وعلى الأخص البحرين، وهو ما يتطلب تعاملاً مختلفاً عن التعامل السائد خلال الفترة الماضية. السؤال الجوهري هنا؛ كيف سيكون شكل الشرق الأوسط دون حزب الله، ومن هو المستفيد والخاسر إن وجد؟ وما هي السيناريوهات المحتملة خلال الفترة المقبلة؟الإجابة غداً..