البيانات التي صدرت من منظمات حقوقية وغير حقوقية خليجية عبرت عن موقف وتوجهات صادقة وتعاطف جميل مع البحرين إثر تجاوزات مسؤولين إيرانيين كبار أدلوا بتصريحات تضمنت تهديدات واضحة وتدخلاً في الشؤون الداخلية، ومنها تحذير مساعد وزير الخارجية الإيراني من «عواقب وخيمة بسبب العمل غير اللائق الذي قامت به قوات الأمن البحرينية»، ودعوته حكومة البحرين إلى الاعتذار. بيانات مهمة وذات قيمة ولكنها في كل الأحوال قليلة التأثير، ذلك أن ما حدث يتطلب أكثر من ذلك. ما حدث هو تدخلات إيرانية فاضحة وتطاول على البحرين يتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية لا يمكن مقابلته بإصدار بيانات فقط؛ وإنما بموقف خليجي عملي يضع حداً لتلك التجاوزات التي صارت تتكرر حتى بات المواطن الإيراني يعتقد أن البحرين محمية فارسية وأن عليه أن يفعل شيئاً لـ «إنقاذها»!جميل ما صدر عن تلك المنظمات وما صدر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون وهو محل تقدير ولا يمكن للبحرين أن تنساه، لكن المطلوب أكثر، خصوصاً في هذه المرحلة، هذا الأكثر هو التكاتف والوقوف صفاً واحداً ضد من ثبت بالدليل القاطع أنه إنما يسعى إلى السيطرة على الخليج العربي، وثبت أنه ينظر إلى دول التعاون بفوقية وعلى أنها يجب أن تكون تحت سيطرتها وتكون سبباً في حل مشكلاتها الداخلية الكثيرة. لا بد من موقف عملي يضع حداً لتجاوزات إيران التي لاتزال تحتل الجزر الإماراتية الثلاث؛ طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ويبدو أنها لاتزال تعتبر البحرين ولاية فارسية!اليوم تزداد وتيرة التصريحات الإيرانية التي تتجاوز كل الحدود إلى الحد الذي ادعت فيه أن البحرين طلبت منها التدخل والتوسط بينها وبين فئة من المواطنين وجدت نفسها في مواجهة مع السلطة، فأي جرأة أكثر من هذه، وأي تجاوز أكثر من تضمين تصريحات متحدثين رسميين لها تهديدات واضحة و»تعليمات» ملخصها أن على البحرين فعل كذا وكذا؟ بيانات الإدانة والشجب طيبة ومهمة ولمصدريها كل التقدير والاحترام، لكنها لا تكفي، لا بد من تحرك خليجي قوي يكون بمثابة رد عملي على تلك التدخلات والتهديدات، والرد في رأيي يكون بسرعة الإعلان عن التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد وترجمة مقترح خادم الحرمين الشريفين إلى واقع. باختصار إيران تستغل واقع دول الخليج العربي واختلاف رؤيتها ونظرتها إلى بعض المسائل لتنفيذ مخططها التقسيمي الرهيب، والواضح أنها تعتقد أن اختلاف وجهات نظر دول التعاون في بعض المسائل هو خلاف فيما بينها، يعزز قناعتها أن تحركاً عملياً لم يتم من قبلها مجتمعة فيما يخص احتلال الجزر الإماراتية الثلاث والذي زاد عن الأربعين عاماً.سكوت أو ضعف تحرك دول التعاون في استعادة الجزر الثلاث فسرته إيران على أنه قلة حيلة، الأمر الذي دفعها إلى سلسلة من التجاوزات لعل أبرزها اليوم ما تفعله في البحرين. ما يحدث في البحرين اليوم هو من تأليف إيران وإخراجها، وما يتم تنفيذه على الأرض من عمليات وقودها البسطاء من البحرينيين هو من فعلها، وهو ليس ادعاءات بحرينية كما يحلو لها أن تنشر ويحلو لبعض الجمعيات السياسية ترديده.ما حدث ويحدث في البحرين منذ فبراير 2011 هو صناعة إيرانية 100% وقناعة العالم تزداد يوماً بعد يوم بهذه الحقيقة التي تؤكدها تصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين يبحثون عن منفذ ليدخلوا من خلاله إلى البحرين بشكل علني. تلك التصريحات لن تكون الأخيرة وستليها تصريحات وتصريحات، وسيكتشف العالم مدى خبث المخطط الإيراني، وهي ستتمكن من تنفيذ ما في رأسها إذا اكتفت دول الخليج والمنظمات المختلفة فيها بإصدار البيانات. عجلوا بالاتحاد الخليجي.. تفلحوا.