دفاع الولايات المتحدة الأمريكية عن جماعة «الإخوان» في مصر ودفاعهم عن جماعة «الولي الفقيه» في البحرين هو لذات الهدف، فهو دفاع عن مشروعهم للشرق الأوسط الجديد القاضي بتمكين الجماعات الدينية بعد إسقاط الأنظمة الحالية، مشروعهم الذي استغرق وقتاً طويلاً في الإعداد والتهيئة والتدريب والتمويل، مشروعهم الذي اعتمد على خلخلة الأنظمة وإضعافها وإسقاطها وإحداث الفراغ والفوضى الخلاقة لتملأه الجماعات المنظمة المدربة الوحيدة في الشمال الأفريقي وهم الإخوان، ودعم الجماعات الشيعية المنظمة في الهلال الشرقي للعالم العربي وهم جماعة الإمام، ويسهل عليهم التفاهم مع مرشد هنا ومرشد هناك، وقد كاد هذا المشروع أن ينجح فاحتلت جماعة الإمام العراق واحتلت الدوار في البحرين لشهر، وفي الشمال الأفريقي قفزت على السلطة في تونس وتحاول في ليبيا ونجحت في مصر جماعة الإخوان في احتلال الحكم لعام، وأخطأ الاثنان باستعجالهما بالكشف عن نواياهم وأخطأت الولايات المتحدة الأمريكية بالكشف عن دعمها لهما، فانتفض الشعبان ضدهما وتمردا عليهما... نعم في البحرين كانت أولى المفاجآت حين «تمرد» الشعب البحريني بتلقائية وعفوية على هذا التحالف وهذا الدعم وهذا الانحياز وعطلت إرادة الشعب البحريني عجلة الهلال الأمريكي «الولائي» ولن أقول الشيعي الذي نجح في العراق وحاول أن يمتد إلى البحرين بقيادة أمريكية. البحرين الدولة الصغيرة التي كانت آخر من يتوقع أن تقوى على مواجهة قوة عظمى وتقطع السلسة من منتصفها وتعطل مشروعاً أعدت له الولايات المتحدة الأمريكية. فعلتها، فعلها الشعب البحريني الذي «تمرد» قبل شعب مصر على مخطط تمكين الجماعة الدينية على رقابه، الشعب البحريني كشف اللعبة قبل أن تكتمل ولم يحتج إلى سنة من المرارة والذل والمهانة على يد تلك الجماعة الدينية التي خانته واستعانت بدعم أجنبي لتمكينها عليه لكنه انتفض وتمرد، بل تمرد على اللعبة منذ الأسبوع الأول، وهو مستعد لأن يتمرد ألف مرة على هذا التحالف الشيطاني لو حاولت تلك الجماعة أن تفرض نفسها علينا بالإرهاب وبالاستعانة بالأمريكان.«تمرد» المصرية هي الثانية، أما الأولى فقد بدأت في البحرين، تمرد هي شعار رفع في وجه تسلط الجماعات الدينية، وفي وجه التحالف الأمريكي المفضوح مع هذه الجماعات، وليس تمرداً ضد الإسلام أو ضد الديمقراطية أو ضد العدالة، بل هو تمرد ضد احتكار جماعة ما هذه القيم وإقصائها للآخرين.تمرد، هي ملكية فكرية خاصة بالمعترضين على استحواذ جماعة إقصائية ما باسم الدين على مقدرات الدولة بدعم أمريكي سافر ومنحاز، هذا هو شعار «تمرد» المصرية وقد كان هو ذاته شعار تمرد البحرينية قبل عام، وسيظل إلى أن تنتهي هذه الغمة على البحرين ورفعناه بالأمس وسنرفعه في وجههم اليوم وغداً، الفرق أننا سنجعل له «لوغوا» لا أكثر ولا أقل، إنما هو كفاح مستمر وسيبقى ما بقيت الخيانة.تمرد المصرية رفعت شعار يسقط يسقط حكم المرشد، وتمرد البحرينية قالتها قبلهم يسقط يسقط إرهاب المرشد الإيراني ونائبه، نحن شعبان تمردنا على هيمنة المرشد العام للإخوان والمرشد العام لإيران.ورفع الشعب المصري في التحرير لافتة كتب عليها آن بيترسون ليس مرغوباً بك في مصر وفي الفاتح رفع الشعب جرايسكي أنت شخص غير مرغوب بك في البحرين، هذا هو وجه التشابه والتطابق بين التمردين البحريني والمصري للذين لم يستوعبوا الفكرة ومازالوا مستمرين في التقليد الببغائي الأعمى، اختاروا دواراً وجلبوا ماكينة النفيش «البوب كورن» اعتقاداً منهم أن هذا التطابق سيجعل منهم ثورة مشروعة، والآن يستعيرون عنوان حملة «تمرد» غير مدركين أن المصريين تمردوا على أشباههم، وعلى من خانهم بتحالفه مع جهة أجنبية وبفتح باب جمهورية التوسع الإيراني.في مصر قالها الشعب المصري بجميع فئاته: نجوع ولا نخضع للتهديد الأمريكي بقطع المعونات، وفي البحرين قالها البحرينيون بجميع فئاتهم لأمريكا: لا نريد دعمكم ولا مساعدتكم نريد أن تتركونا نقرر مصيرنا بأنفسنا.«في حضور أكثر من 20 شخصاً في مقر تجمع الوحدة الوطنية قلت لبث جونز مساعدة وزير الخارجية الأمريكي قبل أسبوعين: أنا عن نفسي سأقاتل لآخر نفس عن حقوقي كامرأة، أي جماعة دينية تريد أن تسلبنا كنساء مكتسبات، تمتعنا بها في وطننا منذ زمن جدتي وستتمتع بها حفيدتي إن شاء الله، حتى لو استندت تلك الجماعة الدينية على أكبر قوة كدولتكم» هذا هو التمرد المصري البحريني المشترك والمتطابق، وهذا الذي صعب عليكم فهمه.ملاحظات رغم بديهياتها لكننا نضطر للتذكير بها:تمردنا لم يكن ضد الدين والإسلام حين نقف وبشدة ضد الجماعات السياسية التي تتحرك بعناوين دينية، نحن ضد منهجها السياسي لا ضد الدين.منهجها السياسي احتكار وإقصاء وهيمنة وفرض على المجتمع بأية وسيلة حتى لو اضطروا إلى الاستعانة والتحالف مع قوة أجنبية للوصول إلى موقع القرار.