الهجوم الإعلامي الطائفي بشأن المسجد الذي شيد على أرض مغتصبة، وأطلق عليه مسجد أبي ذر الغفاري، مثله كمثل الهجوم الإعلامي على وزارة التربية للاستحواذ على البعثات، وكالهجوم الإعلامي على وزارة الإسكان للاستحواذ على الوحدات والمنازل، إنه الإعلام الذي تستخدمه الحملة الطائفية لسرقة الدولة والاستحواذ على مؤسساتها وأراضيها ومشاريعها لإقامة دولة الفقيه. نعم؛ إنهم اليوم يريدون سرقة هورة سند، كما سرقوا مشاريع من قبل، وسيسرقون كل منطقة إسكانية جديدة بكل ما أوتوا من حيلة ووسيلة، إن سياسة الاستيطان الطائفي في البحرين ليست وليدة اليوم أو الأمس؛ بل هي سياسة جاءت منذ أن وطأت أقدام الصفويين والإيرانيين أرض البحرين، ثم بدؤوا بنصب الأعلام ووضع الحصى على التلال حول أطراف البحرين ووسط طرقاتها، تخطيطاً لتثبيت هويتهم، وما المسجد المزعوم الذي شيد على أرض ليس لها وثيقة ولا صك ملكية تعود إلى شخص أو جهة تؤيد دعواهم التي يتهمون فيها الدولة بهدم المساجد ومآتمهم، ويحاولون إثبات ملكيتهم لهذا المسجد وغيره بشهادة مسح أو سلك كهربائي، فهي شهادة مسح باطلة؛ بل هي شهادة تدينهم وتدين موظفين بوزارة الإسكان عندما قاموا بمسح أرض دون سند ملكية، وإذا تم إمداد هذا المسجد بالكهرباء، فإن هذا فساد مستشرٍ في مؤسسات الحكومة، وذلك حين تمد الكهرباء إلى مبنى ليس له شهادة ملكية وهي المستند المقبول الطلب لأي مبنى.أما دليل عيسى قاسم بقوله «مسجد ثابت؛ المسجدية تمر عليه عشرات السنين وأكثر من ذلك»، فهو دليل مرفوض؛ لأن جهاز التسجيل العقاري وتوثيق الأراضي موجود أكثر من قرن من الزمان، وأن وضع اليد انتهى تاريخه وأوانه، فالدولة قد استيقظت وإن كان متأخراً، لكنها الحمد لله استدركت الخطة الطائفية للاستيطان، إن مسجد أبي وذر مثله مثل ما يسمى مسجد الكويكبات في الضاحية المقابلة لجدعلي، والذي لم يكن قبل إزالته إلا «عشة» يتم مدها كل أسبوع بحبال ويتم تثبيتها بقوارير الماء الفارغة، ولكن مع الأسف الجهاز البلدي كان في سبات، وكان المسؤولون فيه يتعمدون التغافل، بل وقامت إدارة الطرق بوزارة الأشغال بتخصيص موقف له لركن السيارات رغم أنه كان مجرد «عشة».أما اتهام قاسم بالقول «إن منع الصلاة على أرض مسجد أبي ذر هو معاداة للإسلام لا لمذهب بخصوصه، واستهداف إحداث الفتنة الطائفية»، فنقول له؛ هل الدولة منعت الصلاة في أي مسجد شيد بطريقة قانونية وصحيحة؟؟. ألا يدل هذا على مدى كرم الدولة ومدى تعاون وزارة الإسكان في كثير من المواقع، حيث يقوم مسؤولون عن المخططات الإسكانية بتقديم المخطط لأي أرض، والتي على أساسها تقوم بعض الشخصيات بالمطالبة بتخصيص هذه الأرض لمآتم أو مساجد أو نوادٍ أو صناديق خيرية، وهو ما يفسر انتشار المآتم والمساجد في كافة المناطق القديمة والحديثة، وما تشييد مسجد أبي ذر على الأرض في هورة سند إلا جزء من سياسة الاستحواذ التي تسبق الدولة في التخطيط لتثبيت هوية المنطقة بأنها منطقة شيعية رغم أنها كانت أرض خلاء!! إن وجود حوالي 800 مسجد و600 مأتم للشيعة يدحض اتهام قاسم بأن الدولة تعادي المذهب الشيعي أو الإسلام كما يدعي؛ حيث شيدت هذه المساجد والمآتم على مساحات شاسعة في أغلب مناطق البحرين في حين غفلة من الدولة، والتي تم استغلالها، وها هو أحد مقالاتهم والذي نشره موقع «شؤون حسينية» تحت عنوان «من صفحات التاريخ الحسيني في البحرين» بتاريخ 6 مارس 2005، حيث يؤكد المقال مدى ارتباط هذه المساجد والمآتم بالسياسة والانتماء الصفوي لإيران، حيث ذكر فيه بأن «وقد تأثرت الشعائر الحسينية في المنطقة بالانتصار التاريخي للثورة الإسلامية في إيران، واقتبست منها عادات وتقاليد اجتماعية في ظل تأجج العواطف والحماس الجماهيري، ولكن حركة الشعائر الحسينية في البحرين انفردت في ما بعد لتصوغ حركة شعائر متميزة في منطقة الخليج»، فهل هناك أكبر من هذا كدليل بأن الحركة التي يقودها قاسم بإشاعته أن الدولة تعادي المساجد ودور عبادته وبأنه لولا تسامح الدولة وغفلتها عن خطورة هذا الانتشار للمساجد والمآتم في البحرين.الدولة مطالبة اليوم بعدم التفريط في الأراضي التي لا يمتلك المسجد أو المأتم صك ملكيتها، وعلى الجهات الحكومية ذات العلاقة أن تبحث وترى كيف أصدرت شهادات المسح، وكيف تم تمديد الكهرباء لمبانٍ دون وثيقة ملكية، في حين تعطل هذه الوزارة وصول الكهرباء لمبانٍ ومواطنين رغم توفر كل المستندات الرسمية المطلوبة، ولم يسبق أن سمعنا أن وزارة الإسكان قامت بإصدار شهادة مسح دون توفر المستندات الحكومية، كذلك بالنسبة لهيئة الكهرباء، الأمر الذي يدل على أنه ومنذ عقود كان الموظفون من مهندسين في هذه الوزارات يخدمون التمدد الشيعي عبر تسليمهم مخططات الأراضي غير المملوكة وإصدار الشهادات عبر تخاذل وسكوت المسؤولين، والأمر لايزال وسيستمر طالما ظلت مخططات الأراضي تحت أيدي الخونة بحيث يستطيع الاطلاع عليها وطباعتها أي فني أو مهندس، فالتمدد الطائفي اخترق جميع الوحدات الحساسة في مؤسسات الدولة، وعلى الدولة أن تتدارك الثغرات في هذه المؤسسات وتحفظ ملفاتها ومخططاتها من هذا الأخطبوط.