يقول المثل المصري: «يشتمني في زفه ويصالحني في لفه»، وهي أكثر عبارة من الممكن أن تكون مناسبة جداً في ما يخص التعامل الأمريكي الأخير مع حقيقة مجريات أحداث البحرين؛ فتصريحات السفير الأمريكي الترقيعية الأخيرة في إحدى الصحائف المحلية بشأن شرح تصريح أوباما تجسد هذا المثل، حيث لا يوجد أبداً معنى لموقف خروج رئيس أكبر دولة، تدعي الديمقراطية والشفافية والحرية، وما إلى ذلك من مصطلحات تطبقها متى ما تشاء وبمزاجية مصالحها وتحالفاتها، تصدر بضاعة الديمقراطية إلى دول العالم وتدعي رغبتها الجادة في حماية حقوق الإنسان ونبذ العنف، ثم يأتي رئيسها واقفاً لإلقاء كلمة تعكس حقائق مغلوطة عن الوضع الجاري في البحرين وكأنه بذلك يدعم الإرهاب لا يحاربه ويظهر دولته بمظهر المتناقضة في المواقف!للتذكير؛ الرئيس الأمريكي أوباما في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قال في الجملة التي تسبق ذكر اسم مملكة البحرين تحديداً وكأنه يمنح تلميحاً له أبعاده «ولئن أدركنا أن نفوذنا سيكون محدوداً في بعض الأحيان، فإننا سنلتزم جانب الحذر إزاء الجهود الرامية إلى فرض الديمقراطية بالقوة العسكرية. ورغم أننا سنتهم أحياناً بالنفاق والازدواجية والكيل بمكيالين، فإننا سوف ننخرط في المنطقة على الأمد الطويل. ذلك أن العمل الشاق من أجل نشوء الحرية والديمقراطية هو مهمة جيل بأكمله». ثم أكمل في الجملة التي تلت هذا الكلام مباشرة وهو يذكر اسم مملكة البحرين: «وهذا يشمل المساعي الرامية إلى تسوية التوترات الطائفية التي تواصل الظهور في أماكن مثل العراق والبحرين وسوريا!». قال هذا الكلام على مستوى دولي تتناقله وسائل الإعلام من كافة أقطار العالم، واصفاً الوضع بالبحرين بتوتر طائفي مثله مثل أماكن التوتر الطائفي في العراق وسوريا!! «أليس هذا كلام أوباما حرفياً؟»، ليأتي بعدها سفيره في البحرين ليدلي بتصريح متواضع وعلى مستوى محلي وفي إحدى الصحائف المحلية ليقول لنا: «إن أوباما في خطابه لم يقصد مساواة الوضع في البحرين بالعراق وسوريا ولكنه كان يشير إلى مخاطر التوتر الطائفي في البحرين!»، أين الكلمات والجمل التي تدل على أنه يشير لا يساوي؟ ثم ما معنى كلماته التي جاءت قبل هذا الكلام وما بعده؟ الإشكالية ليست في إدراج اسم البحرين والخطأ بوصف وضعها فحسب؛ بل حتى في التلميح بالتدخل والانخراط بالمنطقة والقوة العسكرية. هناك استنتاج من الممكن للمتتبع أن يصل إليه بعد هذا التعارض الكبير في التصريحات والمواقف والفرق الكبير في توضيح الموقف على مستوى دولي ومحلي واختلال الميزان الإعلامي، وهو إما أن الرئيس الأمريكي أوباما تعمد تلفيق وضع البحرين وكذب؛ أو أن السفير كاذب في محاولات الترقيع وتوضيح خطاب أوباما أو كلاهما!! هناك أمر آخر محتمل أيضاً؛ وهو ممارسة نوع من الاستهبال الإعلامي الذي يمهد لقرارات ومواقف دولية قادمة تجاه البحرين -لا سمح الله- بعد أن يتم تشويه سمعتها بالكامل وترسيخ الصورة الخاطئة عنها أمام المجتمع الدولي ولو بعد سنوات قادمة من الآن وعلى مدى بعيد!ونحن كشعب بحريني يؤسفنا أن نقول إننا نؤمن بكافة هذه الاحتمالات بعد أن وجدنا بضاعة تلفيق الحقائق تورد إلينا من هذا السفير الأمريكي وإدارته الأم بأمريكا على مواقفهم المتناقضة وألاعيبهم الإعلامية تجاه البحرين، والتي باتت مكشوفة لدينا، حيث بتنا نتحفظ عليه كسفير وعلامات الاستفهام التي نطرحها؛ هل السفير بعد خطاب أوباما موجود كديكور لا يتحرك إلا لدعم الإرهابيين؟ أين شطارته وحنكته في إيصال موقف المواطن البحريني «المتوتر أمريكياً لا طائفياً» بشفافية وديمقراطية ليستعرضه أوباما لنا في خطاباته على مستوى دولي بأنه ضد الوضع الإرهابي الجاري بالبحرين «ولا شاطر وفالح» في استعراض تصريحات التوضيح على صحائفنا المحلية بس؟ هل السفير الأمريكي لدينا إيراني الهوى ولا يختلف عن أفعال الجماعات الإرهابية لدينا سوى أن هؤلاء يفجرون قنابل محلية الصنع فيما هو مهتم بتفجير قنابل إعلامية؟ وهل خطاب أوباما يكشف مدى التورط الكبير الذي يقوده السفير في تزييف حقائق الشأن البحريني أمام المجتمع الدولي؟ وهل كذلك يكشف مدى فشل أكبر رئيس دولة ديمقراطية في انتقاء المعلومات الصحيحة وفهم الوضع البحريني وكذلك فشله في انتقاء سفير مهني؟ إن خطاب أوباما المغلوط ألغى تماماً مفهوم الديمقراطية الذي تتبناه أمريكا كمدرسة لتحضر شعوب العالم ومارس ديكتاتورية فرض الآراء البعيدة عن ملامسة الواقع والحقيقة، وأهمل وصف الشأن البحريني بدقة حول ما يحدث من توتر إرهابي طائفي على يد جماعة إرهابية، وأخطأ عندما وصفه بالتوتر الطائفي لا التوتر الإرهابي؛ رغم أنه رئيس دولة تدعي محاربة الإرهاب وملاحقة جماعاته وتحمل لواء حقوق الإنسان، والخطأ الأكبر عندما جاء سفيره ليوضح لنا موقفه على مستوى محلي بدلاً من أن تتولى الإدارة الأمريكية توضيح الموقف ونقله على نفس المستوى الذي ظهر به أي على مستوى دولي. إن كانت الإدارة الأمريكية تود تداول الشأن البحريني وعدم ممارسة ديكتاتورية الرأي وحرية التعبير والتمييز المعلوماتي «رغم أننا نرفض ونتحفظ على تداوله وتدخلاتها في نقل أوضاعنا المحلية»، فلتتداوله بشكل يبين لنا أنها دولة تحارب الإرهاب فعلاً ومهتمة بحقوق الإنسان ونبذ العنف، وتتعامل مع موقف الرأي العام البحريني بحيادية وموضوعية وقريبة من الشأن البحريني المحلي، والأهم أنها ديمقراطية في انتقاء المعلومات عنه بدليل فهمه ونقله كما هو لا كما يتم تزييفه وتغييره!لذا ما لا ندركه كشعب من هذه الألعاب الإعلامية الأمريكية؛ هل هناك محاولات لفرض التجربة العراقية والسورية على الواقع البحريني لذا جاء التشبيه؟ غير أن ما ندركه ونريده بحق اليوم قبل الغد هو تقديم اعتذار رسمي للشعب البحريني على خطاب أسقط حقوقه رغم كل الدماء التي سفكت وراحت هدراً بسبب عمليات الإرهاب والعنف تجاهه، من باب حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب الذي تتباهى بهما أمريكا دائماً وتحملهما كشماعة لتدخلاتها، والاعتراف بفشل وصف الشأن البحريني بدقة وبموضوعية وحيادية بحيث يوازي هذا الاعتذار أو خطاب التوضيح بأن المقصود من ذكر الوضع بالبحرين اختلافه وعدم مساواته بالتوترات الطائفية الموجودة بالعراق وسوريا، المستوى الدولي الذي ظهر فيه خطاب أوباما، فما جاء في تصريح السفير الأمريكي بأن أوباما لم يساوِ البحرين بسوريا والعراق كلام جميل سيكتمل جماله عندما يتداول ويخرج على مستوى دولي، كما نذكر بالمطلب الذي اجتمع عليه الشعب البحريني واتفقوا عليه، إن كانت الإدارة الأمريكية ديمقراطية حقاً وتحترم حرية التعبير والرأي فلتحترم رغبة الرأي العام البحريني وتوجه سفيرها بعدم التدخل في شؤون البحرين المحلية وإنهاء عبث المؤامرات الجاري.- سؤال.. هل شارك السفير الأمريكي في مسألة رمي المولوتوفات بالبحرين؟ نعم لكن مولوتوفات إعلامية وصواريخ كذب! - إحساس أخير.. إن كانت أمريكا جادة في محاربتها للإرهاب فعليها أن تفهم بأن الشعب البحريني يعاني من جماعات إرهابية طائفية إيرانية التمويل.. انتهى!