لم تكتف جمعية الوفاق بالإعلان عن سفر أمينها العام على رأس وفد إلى جنوب أفريقيا بغية التشهير بالبحرين والإساءة إلى النظام، لكنها أضافت إلى هذه الحركة الاستفزازية استفزازين آخرين؛ تمثل الأول في وصف النظام في البحرين بالعنصري الذي يفرق بين أبناء الوطن الواحد، خصوصاً «الأصليين» منهم فيقلل من شأنهم بينما يعلي من شأن «غير الأصليين»، وتمثل الثاني في العنوان الذي تم اختياره للخبر المنشور على موقع الجمعية وهو «وفد من الوفاق لجنوب أفريقيا للاطلاع على تجربة المصالحة الوطنية هناك.. والأمين العام: عقبال عندنا»، في القول ظاهره الحديث عن المصالحة وباطنه اتهام للنظام في البحرين بالعنصرية! في وقت تعلم فيه جيداً أنه لا يمكن مقارنة الأوضاع في البحرين بالتي كانت في جنوب أفريقيا قبل أن يزورها «فرسان الوفاق». السفر إلى دول أخرى للاطلاع على تجربة المصالحة الوطنية أمر طيب، وقد يعود بشكل أو بآخر بالفائدة على الجميع، خصوصاً وأنه لاتزال طاولة الحوار منصوبة، لكن القول إن الزيارة إلى جنوب أفريقيا هي للاطلاع على التحول من نظام عنصري إلى نظام ديمقراطي.. «وعقبال عندنا» قول فيه كثير من التجرؤ وقد يوصف بالصفاقة. في صفحته على التويتر كتب أمين عام الوفاق (عقبال عندنا) «في إشارة إلى الأزمة القائمة في البلاد على خلفية استئثار السلطة بالقرار والثروات، والتزامها بمنهجية التمييز ضد الأغلبية السياسية»، كما جاء في البيان الصادر عن الجمعية والمرفق به صورة للأمين العام وهو في المطار مرتدياً الزي الغربي يدفع أمامه عربة وضعت فيه حقيبته ومنطلقاً «كما الفارس» في طريقه إلى جنوب أفريقيا، في حركة استفزازية أخرى يراد منها القول إن مشوار «فضح» نظام البحرين في الخارج مستمر.. وعلى أعلى مستوى!البيان الذي من الواضح أنه صيغ «بعناية فائقة» تضمن معلومات عن جنوب أفريقيا، وكيف كانت بلاداً عنصرية ثم تحولت إلى بلاد ديمقراطية، وتم التلاعب فيه على لفظتي (أبناء العرق الأدنى) و(أبناء العرق الأرقى)، في محاولة لإسقاط الصورة على البحرين، والقول إن النظام البحريني صورة أخرى من النظام الذي كان في جنوب أفريقيا، وأن الفارق فقط في أن ذاك اعتمد في التفريق بين أبناء العرقين على الألوان وهذا اعتمد على غيرها، وأن الطرف المظلوم هنا وهناك هو «الشعب الأصلي»!البيان يشير في ختامه إلى أن الدخول في عملية المصالحة الوطنية الشاملة والعدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا تمت «بعد صراع طويل مع الأغلبية السوداء ومجموعات مناهضة للعنصرية من البيض والهنود، قام في نهايته (العرق الأرقى) بتفكيك سياسة الفصل العنصري»، أي الاستسلام والقبول بالأمر الواقع. أي أن هذا هو المأمول أن يحدث في البحرين. (مفاد الرسالة أن الأمر نفسه متوقع في البحرين خصوصاً وأن نفس «المعارضة» طويل).مؤلم أن يصدر مثل هذا الأمر من جمعية الوفاق، خصوصاً وأنها تطرح نفسها على أنها البديل المرتقب، ومؤلم أن تعتقد أنها بهذا التصرف تشتغل سياسة وأنها تدرك «تلايا أفعالها»، فمن يعمل سياسة لا يقطع خيوط التواصل بينه وبين شركائه في العمل السياسي، ولا يتجرأ عليهم بالسب والشتيمة واتهامهم بالعنصرية، فلا يمكن أبداً القبول بوصف النظام في البحرين بأنه عنصري وأنه صورة أخرى من النظام الذي كان في جنوب أفريقيا وأنه سيلاقي المصير نفسه، فهذا كلام يعبر عن فقر في التجربة السياسية وضيق أفق وينفر «أهل البحرين» من قائليه!غاب عن الوفاق أن وصفها جزءاً من شعب البحرين بالشعب الأصلي وصف مليء بالعنصرية!