يستقبل العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك بالفرح والسرور وتكثيف الطاعة والعبادة، فيما يبدو أن هناك من قرر أن يجعل جموع المواطنين من الشرفاء يستقبلونه بالحزن والألم والدموع؛ دموع نزفتها عائلة شهيد الواجب ياسر ذيب الذي راح ضحية تفجير إرهابي غادر بمنطقة سترة، وجزع أُهدي إلى عائلتي اثنين من زملائه من رجال الأمن من الذين أصيبوا وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج.بهجة الفرح التي تصاحب قدوم شهر رمضان الكريم ويستقبلها المسلمون في كل أقطار العالم؛ هناك من أراد أن يستقبلها جموع المواطنين لدينا «بغصة» وجرح! يبدو أن الإرهابيين ومن يقف وراءهم من عديمي الإنسانية والضمير، قبل أن نقول عديمي الوطنية، أرادوا أن تصوم عائلات هؤلاء الضحايا عن الفرح وبهجة الشهر الفضيل مع صيامهم عن الأكل والشرب، أن تصوم مائدة إفطارهم وتجمعاتهم عن تواجد ابنهم الغالي ياسر، أرادوا لهم أن يفطروا على أخبار الحزن والألم والحسرة؛ شاب في مقتبل عمره يغادر الدنيا شهيداً بسبب تبعات خطبة رجل دين نسي الإنسانية والدين وأخذ يدعو إلى سحق الدين.. سحق مبادئ حفظ الدماء وتحريم القتل والاعتداء الآثم، لن نجامل مع ازدياد الضحايا في صفوف رجال الأمن، فالوضع بدأ يتطور كمثل عبارة «قطرة الماء تحفر في الصخر ليس بالعنف بل بالتكرار» ونحن نعاني من الأمرين معاً؛ العنف وتكراره!! قلوبنا محفورة قهراً وألماً على من يستهين بالحياة ويخطف الأرواح البريئة بالزجاجات الحارقة والقنابل، قهراً على ما يعانيه رجال الأمن وعائلاتهم ومعارفهم من آلام وأحزان، رجال الأمن ليسوا «جراخيات» يأتي من أراد و»يولع» فيهم!! وعائلاتهم من حقها أن تنعم براحة البال والاطمئنان لا الجزع والخوف على مصير أبنائهم، هذا المنعطف الذي نمر به إما أن نتجاوزه بإرادة صلبة والضرب بيد من حديد على كل من تجاوز وأساء ويحاول إلغاء دولة القانون والتشريع أو أن نسكت ونرضى على من يريد أخذ البلد إلى منطقة الانفلات الأمني والحروب الطائفية. من يحرض على القتل كمن قتل؛ هو قاتل في النهاية، والمدعو عيسى قاسم بات اليوم، وإن تغاضت بعض وسائل الإعلام لمصالحها ومطامعها الإقليمية، مجرم وطن ومجرم حرب، مجرم وطن وحرب في معركة الإرهاب والتصدي له، في معركة استهداف الأمن ومحاولات زعزعته في معركة عروبة وطن وعروبة خليج، في معركة تاريخ سيادة وطن واستقلاله يراد اغتصابه وتسلميه لأطراف خارجية بإزاحة رجال الأمن وقتلهم وضرب صفوفهم.هل يعتقد عيسى قاسم وأمثاله أنه بدفع الشباب إلى إزهاق الأرواح وسحقها، والتي تطورت إلى حد صنع القنابل المحلية، يملك صكوك الجنة والنار بالقتل؟ ألا يدري هو وأمثاله أن الإرهاب لا دين له ولا شفيع؟ ألا يدري وهو يخطب بالناس أن الله سبحانه يسامح ذنوب المسلم التي اقترفها في حق عبادته ولا يسقط ذنوبه في حق الناس؟ من كان سبباً في وفاة ياسر ذيب، بل ومن أسال دماء زملائه بالجزع والألم، هل يتوقع بما يفعله دخول الجنة؟ بصدق هل يقرأ عيسى قاسم ومن معه ممن يطاوعونه على الإرهاب القرآن الكريم ويتدبر في معانيه والآيات التي تقول بسورة المائدة «فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين» أو «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً»؟ من تحرّك كالمنوّم مغناطيسياً بعد خطبته الساحقة ليسفك دم رجال الأمن ظناً منه أن دماءهم حلال؛ هل يعتقد أن كلام عيسى قاسم سيكون له شفيعاً يوم القيامة؟ وهل يأخذ بكلامه بعد أن أباح ذلك بحجة الدفاع عن النساء أو بكلام الله سبحانه عندما قال في سورة النساء «ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً». ما هي الأجندة السياسية والمعتقدات الفكرية التي ستشفع له ولغيره على حساب انعدام الضمير والوازع الديني الذي نهى عن قتل الأبرياء وترويعهم، بل وخص في آيات كثيرة منه المؤمنين؟ بأي وجه سيلاقي الله من كان السبب الرئيس في دفع البعض للتسبب ليس بقتل رجال الأمن إنما بما يتبعه من آلام نفسية لأهلهم؟ عيسى قاسم سيبقى في ذاكرة التاريخ البحريني مجرم حرب، ومع تزايد أعداد شهداء الوطن يجب أن تتم محاكمته، فالتاريخ لن يسامحه هو وأتباعه ولن يغفر الناس له، وهناك فرق كبير بين من باع الدنيا وضحى بحياته لأجل وطنه وبين من باع وطنه وضحى بمبادئه وضميره ودينه وإنسانيته لأجل أوطان أخرى!!