أكدت في مقالات سابقه أنه لا يجب إعطاء دعوات تمرد 14 أغسطس أكبر من حجمها، فبقراءة الأحداث وحجم التفاعل مع هذه الدعوات في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال محاولة تلمس ردود فعل الناس لها في مختلف المناطق بالسؤال أو الاستفسار وتتبع الأخبار، كنا نعلم أنها حركة يائسة ولدت ميتة ومشوهة، وكانت نتاج لعلاقة غير شرعية بين مخططات النيل من استقرار وشرعية هذا الوطن ومحاولة الركوب -من جديد- على ما يدور في العالم العربي بعد نجاح تمرد المصرية!! وشتان بين ما حدث في مصر والبحرين!! شتان بين شعب يخرج بمسيرات تفوق الـ 30 مليون ثائر من أجل استعادة ثورته وأهدافها بالحرية والكرامة والمساواة بعد أن حاد من وصل لحكم مصر عن تحقيقها وبين 30 طفلاً و30 سيدة و30 شيخاً ومراهقاً توزعوا على 30 (داعوساً)!!لقد اتضحت الأمور على حقيقتها رغم كل محاولات إنعاش هذا الجنين المسخ من قبل محركي قادة الفتنة في الداخل والخارج، لكن المنطق كان الغالب، فما استطاعوا إنعاشه ولا بث الحياة فيه، إذ لم يكن له قلب ولا عقل ولا روح، ولم يتجاوب مع دعوات (تمرغ 14 أغسطس) في أحسن الأحوال أكثر من عشرات في عدة مناطق داخلية، وصدقوني لو حدث عراك داخل صف في مدرسة إعدادية لتجمهر حول المتعاركين أكثر من تلك الأعداد مرددين (حيو عبود وحيو خلود.. وآخرون لا يعرفون أسماء المتعاركين سيهتفون منادين حيو إللي يغلب!!).ولا بد من الإشادة هنا طبعاً بالدور الكبير الذي قام به رجال الأمن وعلى رأسهم معالي وزير الداخلية، إذ إن استعداداتهم ويقظتهم هي التي حالت دون حدوث فوضى أو تخريب يذكر، وقوضت مساعي إعادة إشعال الأزمة ومحاولة توسيع دائرتها والتحشيد قبل 14 أغسطس، وما شهدناه من السعي لجر الناس لمواجهات أهلية وخلق بلبلة طائفية من خلال تفجير السيارات وما إلى ذلك، فلم يكن هناك تجاوب مع دعوات (تمرغ) الصبيانية أو التي حاول الدفع بها قادة التأزيم، لأن الناس لم تعد تصدقهم؛ فحتى أتباعهم ومن انخدع بهم سابقاً قد كشفوا زيفهم، فمنهم من علم مدى خطورة الانجرار خلفهم وخلف مخططاتهم ومغامراتهم، ومنهم من أفاق ليكتشف أن شعاراتهم ومطالباتهم بالديمقراطية والإصلاحات السياسية لا تتعدى كونها قناعاً يخبئ وراءه مخططات تستهدف أمن البحرين وشرعيتها والسلم الأهلي، وآخرون ممن وقفوا خلف الوفاق وتوابعها في 2011 وكانوا مأخوذين بصدمة ما حدث في العالم العربي آنذاك، وأخذتهم الأحلام المتطرفة بعيداً فظنوا أن بإمكانهم أن يحققوا ما حدث في مصر وتونس آنذاك؛ أفاقوا واكتشفوا أن قادة التأزيم خدعوهم وجروهم إلى الخروج عن الإجماع الوطني وخلقوا في المجتمع بذور الفرقة والكراهية، فما عادوا يثقون بهم ولا بدعواتهم، كما إنهم يشاهدون واقع دول (الصقيع) العربي ويعلمون اليوم أن ما حدث ويحدث فيها إنما هي مخططات التقت فيها مصالح الغرب بأطماع الشرق من أجل تلك الفوضى غير الأخلاقية التي نادت بها أمريكا قبل سنين، فخافت من تكلفتها على جيشها واقتصادها، فجرتنا إليها لنخرب بيوتنا بأيدينا!!إن كل المعطيات تؤكد أن البحرين اليوم أقوى مما كانت عليه قبل سنتين، وأن المخلصين لهذا الوطن (سنة وشيعة) التفوا أكثر حول قيادتهم بعد أن انفضح المؤزمون وانفض الناس من حولهم، وما عاد لهم تأثير يذكر إلا في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى جماعات قليلة متطرفة جنحت للعنف ومازالت تصر عليه نتيجة استمرار دعوات التحريض، وهي أخطر ما في المشهد الآن، وندعو إلى تطبيق القانون كاملاً على المحرضين دونما استثناء، فبغير القانون وحفظ هيبة الدولة لن يرتدع هؤلاء بعد أن بان حجمهم الحقيقي، لكنهم مازالوا يكابرون ويكررون نفس الدعوات ويصرون على استخدام ورقة الانفلات الأمني ودعوات الخروج على القانون، وكم كان غريباً وغبياً ما ردده قادة التأزيم من أن دعوات 14 أغسطس قد نجحت لأنها خلقت حالة من الاستنفار في البلاد ووجهت نظر العالم إلى البحرين من جديد!! وسيكون هناك 14 سبتمبر و14 أكتوبر وهكذ!!إن ذلك فعلاً يدل على مراهقة سياسية وإصرار على الخطأ والتشبث به، فما اتضح للعالم اليوم أن البحرين بخير وأن ما يحدث بها لا يتعدى عمليات تخريب من (شرذمة) خارجة على القانون والإجماع الوطني وهذا ما عكسه تحديداً حجم التفاعل الدولي مع تمرغهم.شريط إخباري..لقد أثبت يوم 14 أغسطس أن منعة الدولة وهيبتها بخير، وأن هؤلاء لا تردعهم سوى القوة وبسط الأمن، رغم إيماننا أن الحل الأمني ليس هو ليس الحل النهائي لكنه الطريق لأي حل آخر، فهل سيتعظ هؤلاء ونرى منهم روحاً وطنية جامعة حينما تعقد جلسات الحوار الوطني في 28 من أغسطس الجاري؟ هذا ما نأمله بعدما عرفوا حجمهم على الأرض.. فشكراً مجدداً لرجال الأمن؛ لأن هؤلاء لو نجح تمردهم لما عادوا لطاولة حوار أو لحضروها متبخترين كما الطاووس كي يفرضوا علينا ما يريدون.