من أبرز معالم ما تتمتع به غالبية المؤسسات الوطنية الخاصة هنا في مملكة البحرين، هو صرفها أقل مبلغ ممكن من المال للحصول على أكبر ربح فاحش، وبهذا تتجلى معاني الرأسمالية المتوحشة في أكبر عملية إقطاعية قانونية، تذكرنا بنشوء الإقطاع الأول في دول أوروبا وأمريكا.الرأسمالية الوقحة؛ هو أن تجني المؤسسات والشركات الخاصة بالتجار والمستثمرين الكبار والعوائل التجارية والغنية الأرباح الفلكية والخيالية بأقل مجهود ممكن، وقد تزداد الآلام حين يغيب دور الدولة في مراقبة ومحاسبة تلك المؤسسات، إما لضعف القوانين الرقابية عليها، أو لقوة ومتانة الحصانة الكبيرة التي تتمتع بها تلكم المؤسسات، خصوصاً إذا كانت محمية بقوانين أجنبية ودولية، كاتفاقية التجارة الحرة العالمية. شباب بحريني يبحث عن عمل، وحين يتوجه لبعض مؤسساتنا التجارية يجد أن الراتب لا يتجاوز 250 ديناراً فقط، وهو أقل من قيمة جهاز محمول، أو من سعر تذكرة سفر، أو حتى من قيمة حذاء صاحب الشركة.شاب بحريني آخر يبحث عن عمل؛ اتصلت به إحدى الشركات التجارية تبشره بقبوله للعمل عندها، فطار صاحبنا كالطير جذلانَ مسروراً من أجل توقيع عقد العمل معهم، وإذا به يُصدم حين أبلغته الشركة بأنه يجب عليه أن يعمل لمدة 3 أشهر دون راتب، أي بالمجان، ناهيك أنه يجب عليه أن يوفر لنفسه السيارة حين يريد الترويج لبضاعتهم، وأن يتحمل ضغوط العمل، ولأن ليس لديه ما يغريه في تلك الشركة من عروض تحترم قيمة الإنسان، عاد الشاب ليكمل نومه لعله يحلم حلماً جميلاً. بعض من شركاتنا الوطنية تريد استعباد الإنسان، حيث ترفض أن تحترم عرقه ووقته وجهده وإنسانيته، لأن كل ما يهمها أن تجلب من خلال جهوده المخلصة أكبر قدر من الأرباح العملاقة، في مقابل راتب زهيد جداً، وحين يرفض شبابنا العمل في تلك المؤسسات البخيلة، يتهمون شباب الوطن بأنهم لا يحبون العمل..يا سلام!!رواتب هزيلة جداً جداً في زمن الغلاء الفاحش، فكيف يمكن بالله عليكم أن يواصل الشاب البحريني مشوار العمل في مؤسسة لا تطعمه خبزاً كافياً ولا كرامة؟ كيف يستطيع شبابنا أن يكملوا حياتهم العملية أو أن يفكروا حتى في الزواج أو في الإنجاب أو في إكمال مشروعاتهم الدراسية العليا، وهم يتكئون على رواتب لا تغني ولا تسمن من جوع؟رفقاً أيتها الشركات والتجار بشباب الوطن، فلولا شبابنا لما كان لكم أي وجود، كما إن الذي يوسِّع من مدار أرباحكم هم الناس أنفسهم، فساعدوا أبناءهم كي يحصلوا على وظائف محترمة، برواتب مجزية، وكفاكم جشعاً، ولا تكونوا من الذين يكنزون الذهب والفضة، والتي ستكون وبالاً عليهم يوم الندامة.
Opinion
شركاتنا التي تكنز الذهب والفضة
24 أغسطس 2013