إن الدين في حقيقة الأمر لا يحتاج إلى نجوم كي ينتشر، فالدين الحقيقي هو الذي ينتشر عبر قيمه ومفاهيمه وتسامح أهله ورقيه بين بقية الأفكار والمبادئ البشرية الأخرى، ولهذا فهو في واقع الأمر، ليس في حاجة إلى رجل دين يمثل دور البطل أو النجم حتى يكون الدين عظيماً، فالدين الإسلامي لا يحتاج إلى معلنين.إن الثرثرات والبربرات والفوضويات والعنتريات التي يقوم بها بعض رجال الدين في الفضائيات تعبر، كما قلنا، عن خلل بين في ثقافة هؤلاء الرجال، فكلما كانت جرعات الفتاوى الغريبة والآراء السياسية الشاذة من رجل الدين الشاذ والتي يطلقها عبر وسائل الإعلام، كانت فرصته للاقتراب من لفت الأنظار وصناعة النجومية لنفسه بين الناس كبيرة جداً، تماماً كلاعب كرة القدم الذي لا يجيد اللعب، فيقوم بتقليعة ملفتة للأنظار، كطريقة قص الشعر ورسم ما يمكن رسمه من صور على جسمه عن طريق الوشم وما إلى ذلك.إن السلوك اللافت من أي إنسان في المجتمع هو بمثابة إيصال إشارة لكل الناس بأنه يعاني من عقدة نقص بارزة، لا تسدّ إلا على طريقة النجوم، وهذا ما يقوم به كثير من رجال الدين من مختلف المذاهب في عصرنا الراهن، وذلك من خلال إطلاق فتاوى بعيدة كل البعد عن روح الشريعة الغراء، وعن ثقافة وقيم ديننا الحنيف.يجب أن يعلم هذا الصنف المتهوّر من علماء الدين أن ما يقومون به من سلوكيات وما يطلقونه من تصريحات وفتاوى لم نسمع بها في حياتنا من قبل ولن نسمع بها من بعد، يعدّ خرقاً قبيحاً للمفاهيم الإنسانية التي بشر بها الأنبياء والرسل والدعاة العظام عبر التاريخ، وكلكم يعرف أنواع الفتاوى الغريبة التي تثير جدلاً واسعاً في أوساط المجتمعات، والتي في الغالب ما تلامس جسد المرأة وفحولة الرجل، أو تكون فتاوى غريبة وعجيبة ما أنزل الله بها من سلطان.يجب على المؤسسات الدينية المرموقة ومراكز الإفتاء المعتمدة في كل أنحاء العالم أن تصدر بيانات جادة وبنبرة شديدة اللهجة تحذّر من خلالها كل من تسوِّل له نفسه المريضة من رجال الدين والمفتين، بعدم ركوب الموج الجماهيري أو التدثر تحت الأضواء من أجل مكاسب دنيوية زائفة، أو من أجل الحصول على المال والنجومية معاً، وأن تمنع مراكز الإفتاء الكبيرة كل من يطلقون على أنفسهم زوراً وبهتاناً «عالم دين» أن يفتوا في الناس دون دراية علمية وفقهية أو وجود دليل، وأن تكون الفتاوى كلها تنطلق وتصدر من المؤسسات الدينية الكبيرة فقط، وبهذا تقطع تلك المؤسسات الدينية دابر كل رجل يعبث بوعي الناس وبسلامتهم، وبطهرانية الأديان السماوية كلها، وكان الله غفوراً رحيماً.