لا أعلم كيف تم خداع ملايين المسلمين اليوم ومن مختلف المذاهب الإسلامية، بأن الحرب الحاصلة حالياً هي حرب وجودٍ مذهبي، فإما أن ينتصر الشيعة أو ينتصر السنة، وعلى ضوء هذه النظرية، الساقطة عقلاً وشرعاً وتاريخياً، انساقت مع الأسف الشديد جموع من المسلمين خلف هذا الهاجس الخطير، فاعتبروا أن ما يجري من تراشقات مذهبية يندرج تحت شعار «أكون أو لا أكون».لا أعلم كيف انطلت هذه الخديعة العظمى التي انطلقت من الدول العظمى لتوهم كل المسلمين أن ما يحصل اليوم من حرب طائفية بغيضة هي بسبب العداء المتجذر بين المذهبين الكريمين، وبعضهم يعلم جيداً أن ليس هنالك أي عداء يذكر بين أصحاب المذاهب، لكنه الجهل والحقد والمصالح التي تعترض طريق هؤلاء، فيقومون بإشعال الفتن وتزيينها في وجوه الأتباع، خصوصاً من ضعيفي النفوس وفي المناطق التي يهيمن عليها الفقر والجهل والتخلف!!. لا أعلم كيف عاش المسلمون من السنة والشيعة لأكثر من 1400 عام من دون نزاعات وحروب مذهبية، عاشوا في محبة ووئام ومودة، فلماذا الآن؟ لماذا لم يخف السني من التشيع ولم يخف الشيعي من التسنن إلا اليوم؟ لماذا تعايش الجميع تحت سقف واحد وفي وطن واحد، فتصاهروا وتعلموا وعملوا وكافحوا وقاتلوا الأعداء جنباً إلى جنب، حتى وجدنا أنفسنا اليوم وبقدرة قادر في وسط معمعة طائفية رخيصة يقودها العميان من متعصبي هذه الأمة وجهالها؟ «إشمعنى اليوم بالذات» فتحت أبواب الكراهية والأحقاد على مصراعيها أمام المسلمين، بينما كانت مغلقة لأكثر من قرن ونصف القرن؟أليست هذه هي الأسئلة الحائرة؟ ألسنا في حاجة للإجابة عليها قبل أن نخوض في بقية التفاصيل؟ أليس من المهم أن تكون الإجابة على هذه الأسئلة أولى من البحث عن حروب قذرة نخوضها بالوكالة عن الصهيونية العالمية بالمجان؟كيف خدعوكم وبكل سهولة بأن هناك مداً سنياً وآخر شيعياً، إذ كل منهما يريد تقويض الآخر؟ كيف استجبتم أيها المسلمون لهذه الصفاقة المستوردة من غرف المخابرات الأجنبية من دون أن تتمعنوا في عواقبها ولو لدقيقة واحدة؟ كيف سمحتم لأنفسكم ولأبنائكم من تصديق مثل هذه الخزعبلات الخطيرة وكيف روجتم لها؟اليوم وبعد النفخ في تنور الطائفية، أصبح من الصعب جداً أن تقنع غالبية أتباع المذاهب الإسلامية بأنكم بخير، وليس هنالك مؤامرات مذهبية، وأن كل ما يقال هو نوع من الحرب النفسية لإضعافكم وتشرذمكم والاستيلاء على أوطانكم ومقدراتكم؟كثير من الناس الذين صدقوا الفتنة وباركوها ومارسوها من شواذ المسلمين، لن يعجبهم قولي هذا ولا قول الله تعالى في محكم كتابه الحكيم حين قال «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذْكروا نعمةَ اللهِ عليكم إِذْ كنتمْ أعداءً فأَلف بين قلوبِكمْ فأَصبحتم بنعمته إِخواناً وكنتم على شفا حفرة من النارِ فأَنقذَكم منها كذلك يبين اللهُ لكم آياته لعلكم تهتدونَ».نسأل الله أن يهدي كافة المسلمين لخير وصلاح أمة خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يرشدهم طريق الهداية... آمين.
Opinion
من قال لكم إنها معركة وجود؟
01 يوليو 2013