هذا ما يفعله الملوك عندما تستجير بهم شعوبهم، وها هو جلالة الملك -حفظه الله- يستمع لنداء واستغاثة شعبه الذي عاش الويل والضيم من تكبر وجبروت الظالم علي سلمان، الذي يريد أن يسحق شعب البحرين ويؤسس عرش ملكه على جماجمهم وبحور دمائهم، شعب البحرين الذي سفكت دماؤه ولم يتوقف سفكها منذ 3 سنوات، شعب البحرين الذي يهدده المغرور بتدميره وتهجيره ويخيره بين الحياة في نتن عباءته وأن يلحق بمركبه أو مصيره الموت بأبشع صوره وأنكل أساليبه.شعب البحرين يا جلالة الملك لا يتوق ولا ينعم بحياة يعيش فيها مسلوب الإرادة لا يستطيع أن يدافع عن بلده ولا حياته ولا عرضه ولا ماله، شعب البحرين بتعرض أبناؤه كل يوم للموت على الشوارع وفي بيوتهم، شعب البحرين نعم يعيش.. لكنه جسد بلا روح، وحياة دون إحساس، فقد أصبح شعباً مسيراً غير مخير، وذلك عندما منعته الدولة وسمع لها وأطاع ألا تمتد يده على الإرهابيين أو أن يحاول حتى منعهم، شعب البحرين منع أن يدافع عن حياته عندما تعترض طريقه ميلشيات لتحرقه في الطريق، فاعتبر ذلك تجاوزاً للقانون واعتداء، فأصبح ضحية بين قانون معطل وبين مجرم حر طليق يمارس جرائمه علانية. هذا المجرم الذي وقف معه الاتحاد الأوروبي والأمريكي ومنظماتهم الحقوقية، رغم جرائمه التي كان يصورها بنفسه، فاعتبرها المجتمع الدولي حرية رأي وحقوق شعب، بينما الضحية الذي يموت في الشارع ليس له حق في حرية وليس له حق كشعب، ثلاث سنوات وشعب البحرين يحدث نفسه ماذا عساه أن يفعل، هل يصبر؟ هل يرحل؟ هل يعلن الجهاد؟ نعم؛ كان المواطن البحريني يفكر ملياً، كما كان يفكر قبل بناء بيته؟ هل أشتري سيارة؟ هل أفتح مؤسسة؟ لأنه بالفعل يا جلالة الملك كان مستقبله غامضاً في دولة كادت أن تصبح كالغابة، دولة فيها المجرمون يخرجون علانية وفي وضح النهار يرتكبون جرائمهم ثم يعودون إلى منازلهم آمنين، وهناك مؤسسات إعلامية وشخصيات دينية وسياسية وجمعيات ونقابات عمالية تدافع عنهم، وفي الجانب الآخر وسطاء يحاولون جر الدولة إلى صف العصابات المجرمة وإقناعها بالحلول التي تذل شعب البحرين، وسيط خبيث يفك علاقة الدولة بشعبها، فيصبح الشعب بين خيار بالقبول المذل أو الرحيل.نعم هذا شعور المواطنين، ليس لهم حديث فيه إلا السؤال عن «مصيرهم» وماذا سيحدث للبحرين، وهو ما يسأله كل بحريني مخلص يخاف على بلده، يتساءلون؛ هل يمكن العيش في دولة يمكن فيها المجرمون؟ هل يمكن للدولة أن تكرر أخطاءها؟ هل يمكن للدولة أن تسلم لهم بعد كل ما تكشف من خيانة وغدر وإرهاب وعمالة للخارج؟ تساؤلات كثيرة تدور في المجالس وبين العائلات وعلى موائد الإفطار وفي المناسبات وفي الرحلات وفي كل مقهى ومكان، كانت المرارة تعتصر قلوبهم والحزن يكسو وجوههم.كان البحرينيون الشرفاء يمارسون حياتهم وكأنها تحصيل حاصل بانتظار المجهول، فقد شاهدوا ما حصل لإخوانهم في العراق وعاشوا مأساة إخوانهم في سوريا، وهم يخافون يوماً تتمكن فيه هذه الفلول التي لا تختلف عن شبيحة بشار وميلشيات المالكي إذا ما أطلقت أيديهم في الحكم، لكن شعب البحرين كان يصبر نفسه طاعة لولي أمره، وخوفاً على حرب أهلية لا قدر الله، فقد حافظ بصبره وحلمه إلى أبعد حدود الصبر، ليس ضعفاً لكن من أجل مصلحة البلاد والعباد، وقد كاد أن ينفد صبره ويفقد حلمه في لحظة من اللحظات لو لم تتداركه العودة والثبات، فشعب البحرين يا جلالة الملك ليس هيناً لكنه لين، وليس جباناً لكنه تربى على طاعة ولي الأمر، وهناك فرق بين من يتربى على الولاء لغير ولي الأمر وعلى التمرد وعلى حقد موروث وبين من تربى على مكارم الأخلاق وحب ولي الأمر وطاعته، ذلك شعب البحرين الذي صبر وتصبر لعل الله يحدث أمراً.شعب البحرين يا جلالة الملك شجاعٌ مقدام، رجالاً ونساءً، فهم أحفاد صحابة رسول الله، لا يهابون أساطيل ولا يرتعدون من جيوش ولا مدافع ولا صواريخ.. وليسوا كمن يدعون ويتباهون بأن «صدورهم عارية».. فتلك الصدور العارية في سبيل الطاغوت، وأرواح أبناء البحرين هينة في سبيل الله ودفاعاً عن الوطن، فالموت لا يخيفهم إنما العيش تحت تهديد البغاة هو الذي يحسب له شعب البحرين، لأن قادة الإرهاب لا يختلفون عقيدة وفكراً عن بشار ولا عن حكام العراق وإيران.يا جلالة الملك.. كل أبناء البحرين الشرفاء معكم صفاً واحداً في وجه المجتمع الدولي وفي وجه كل الطغاة والمتجبرين.. فقد أديت الأمانة التي حملتها، ووفيت بعهدك الذي عاهدت الله بأن تكون خليفته على الأرض، وأن تنصر المظلوم الذي استجار بالله ثم بخليفته، فبوركت يداك وبورك لك شعب يفديك بروحه وأبنائه وماله، الشعب الذي عاهد الله في الفاتح أن ينصرك مهما اشتدت الظروف، ومازال هذا الشعب الكريم على عهده، فخذه يا جلالة الملك عهداً أكيداً واعبر بشعب البحرين إلى بر الأمان كما عبر موسى بقومه المخلصين.. نجنا يا جلالة الملك من القوم الظالمين.