بعد سلسلة القرارات المعبرة عن عزم الدولة على قطع دابر الإرهاب عن البلاد؛ اعتبره البعض استنفاراً وانبرى من يتساءل عن سبب كل هذه الإجراءات التي اتخذت أخيراً، والتي انطلقت من عقد جلسة استثنائية للمجلس الوطني، وما تلا رفع التوصيات الاثنتين والعشرين إلى جلالة الملك وتكليف جلالته الحكومة لتنفيذ تلك التوصيات، ثم توجيهات سمو رئيس الوزراء للحكومة للتنفيذ على وجه السرعة، والتصريح بشكل مباشر وصريح أن المسؤول الذي لا ينفذ توصيات المجلس الوطني سيقال له شكراً، أي سيتم استبداله بآخر أكثر كفاءة وقدرة واستعداداً لتنفيذها.التساؤل عن سبب كل هذا الذي أقدمت عليه الدولة أخيراً وتفويض الشعب عبر ممثليه بالقضاء على الإرهاب، الذي أثر سلباً على حياة الجميع أمر مضحك، لكن الأكثر إثارة للضحك هو الاعتقاد بأن الحكومة خائفة من يوم 14 أغسطس، ومن إعلان البعض اعتباره انطلاقة لبداية التمرد والخروج على ولي الأمر.الخطوات التي اتخذتها الدولة وبدأت الحكومة في تنفيذها تعبير عملي عن التزامها بمسؤوليتها تجاه الوطن والمواطنين، ذلك أن من حق المواطن على الدولة حمايته من أي تهديد أو ممارسة تؤثر على حياته سلباً وتهدد يومه وقوته ومستقبله ومستقبل عياله. ما تقوم به الدولة الآن هو تأكيد لالتزامها بواجباتها تجاه الوطن والمواطن. إلا إن كان ذلك البعض يتوقع أن تترك الدولة لهم الحبل على الغارب وتسمح لهم أن «يخيطوا ويبيطوا على كيفهم»!الدولة لم تغفل يوماً عن واجبها هذا، لكنها أمام ما حدث في السنتين الأخيرتين جربت العديد من الحلول التي اتضح عدم جدواها، فتلك الحلول -حتى الأمنية منها- لم تتمكن معها الدولة من التخلي عن عواطفها وطيبتها، لهذا لم تجد نفعاً كبيراً. هذا الأمر وما رافقه من حالة الاستهتار بحيــاة المواطنيــن والمقيميـــن والـــزوار، وكذلك الابتعاد عن كثير من القيم والعادات والتقاليد والأعراف والأخلاق، هو الذي دفع الدولة إلى مراجعة طريقتها في معالجة الأزمة وتبنيها لحلول أخرى، يبدو أنها واثقة من نجاحها رغم ردة الفعل السالبة من قبل ذلك البعض المثير للجدل، والذي اعتبر الأمر تحدياً ولايزال «ركبا رأسه». زيارة سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة إلى مجلسي الشورى والنواب تأتي في سياق مسؤولياته كرئيس للحكومة لتنفيذ التوصيات التي رفعت إلى جلالة الملك من المجلس الوطني، كذلك زيارته لوزارة الداخلية كونها المعني المباشر بتنفيذ العديد من تلك التوصيات، وفي السياق نفسه تأتي زيارته لبيت التجار وتنبيههم إلى أن تجارتهم وأموالهم أصبحت في خطر بسبب استهتار ذلك البعض، وأنه لم يعد هناك أي مبرر للمواقف «البين بين»، ولم يعد هناك أي مجال للعواطف، فما يسعى إليه ذلك البعض غير المدرك «لتلايا أفعاله» هو تدمير الاقتصاد، وهو ما سبق أن أعلنوا عنه بصريح العبارة في مناسبات عديدة.تحرك الدولة تعبير عن إحساسها العميق بالمسؤولية وليس بالخوف، فالآخر -المتمثل في ذلك البعض القليل من المواطنين المغلوبين على أمرهم- لا يخيف ولا يقلق ولا يستطيع أن يفعل شيئاً من الذي في رأسه. الجانب الذي ينبغي أن يدركه ذلك البعض جيداً هو أن ما تقوم به الدولة الآن هو بمثابة الكي الذي هو آخر الدواء، فلقد بلغ السيل الزبى ولم يعد هناك أي مجال للأخذ بالخواطر، ففي وضع كالذي صرنا فيه لا مفر للدولة معه من التحرك والوقوف بقوة في وجه من يرهب الناس ولا يرى أمامه سوى تنفيذ المهمة التي تم تكليفه بها. للأسف لم يعد أمام الدولة من خيار سوى الضرب بقوة على يد العابثين بأمن الوطن والمواطنين.