لو تجردنا من عواطفنا العربية القاتلة وحكمنا عقولنا وتمعنا في الأنظمة والقوانين الدولية وما تتضمنه من شروط ومعايير لاستضافة الدورات والبطولات الرياضية، لوجدنا أن قرار نقل النسخة الثانية والعشرين من دورة كأس الخليج العربي لكرة القدم من مدينة البصرة العراقية إلى مدينة جدة السعودية قراراً صائباً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.لقد تم منح العراق الشقيق أكثر من فرصة لاستضافة الدورة للمرة الثانية منذ عام 1979 حين استضاف النسخــة الخامسة، غير أن ما يمر به العراق من توتر أمني منذ سنوات وما تعرض له من عقوبات من الاتحاد الدولي لكرة القدم في الآونة الأخيرة بدد حلم الأشقاء العراقيين في الاستضافة، وأدى إلى نقل الدورة إلى المملكة العربية السعودية بوصفها البلد البديل وفق قرار رؤساء الاتحادات الخليجية بما فيهم الاتحاد العراقي.كان لابد من حسم الموضوع حفاظاً على مكانة هذه الدورة وضمان استمراريتها بنجاح، ولا يمكن أن يتحقق هذا النجاح من دون تأمين أبرز عوامله وهو العامل الأمني.أما أولئك الذين يحكمون عواطفهم في ردود أفعالهم تجاه مثل هذه القرارات، فإنهم يخطئون حين يتعمدون زج قضية المؤامرة أو يحاولون أن يصوروا أن الأموال العراقية التي صرفت على المنشآت الرياضية قد ذهبت سدى، وهم يعلمون بأن النوايا تجاه العراق كانت صادقة بدليل منحهم أكثر من فرصة، وأن المنشآت الرياضية العراقية الجديدة ستبقى استثماراً ومكسباً للوطن، وأن أمامهم فرصة جديدة لاستضافة النسخة 23، وإذا كنا من أشد المؤيدين للقرار الخليجي الصائب فنحن من أشد المعجبين بالرأي الشجاع الذي طرحه رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم ناجح حمود، حين أكد أن العراق كان مع قرار نقل البطولة إلى جدة ليثبت أنه لن يتخلف عن الجمع، ومؤكداً على استمرارية التواجد العراقي في البطولة وعدم الانسحاب منها، متحفظاً على القرار الصادر من وزارة الشباب العراقية والذي يعتبر تدخلاً في شؤون الاتحاد العراقي لكرة القدم كهيئة أهلية مستقلة تعمل تحت مظلة الاتحادين الآسيوي والدولي!رأي رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم جاء ليدعم قرار النقل وليعزز اللحمة الكروية الخليجية والرغبة العراقية الصادقة في الحفاظ على الإجماع الخليجي، وعدم شق الصف والتأكيد على التواجد في النسخة القادمة، وهذا ما نتطلع له جميعاً كون المنتخب العراقي عنصراً هاماً من عناصر نجاح الدورة فنياً وإعلامياً وجماهيرياً. نجاح دورة كأس الخليج لكرة القدم واستمراريتها هي الأهداف التي يهمنا الحفاظ عليها وفاءً لهذه الدورة التي يرجع لها الفضل فيما وصلت إليه الرياضة في دول الخليج العربي والدول الشقيقة المجاورة من نهضة ورقي وضعها على الخارطة العالمية.