مع كل إشراقة شمس ومع كل صباح تبدأ طاحونة الزحمة تقتلع من أعصابنا ليس كأولياء أمور نحرص على إيصال أبنائنا إلى مدارسهم سالمين قبل الطابور الصباحي، لكن دائماً ما نبدأ الخطوة الأولى برسم خارطة الطريق التي تبعدنا عن التأخير و«الهوشات» والحوادث، التي ندعو للجميع أن يجنبهم الرحمن إياها، فكثير من الآباء والأمهات يفضلون توصيل أبنائهم بعيداً عن الباصات وسياقتها المخيفة والتي تتنقل من مدرسة إلى أخرى من أجل اللحاق بالطابور الصباحي دونما أدنى تأخير ولكي لا تقطع أرزاقهم من شكوى طالب تأخر عن جرس الصباح، لذلك تجدهم كالآخرين يبحثون دائماً عن الوصول والخروج السريع حتى لو كان مخالفاً لقوانين المرور، ورجال المرور الله يعينهم ويعطيهم ألف عافية تجدهم يعملون كالماكينة من أجل تفادي إزعاج «هرن» السيارات التي لا تود أن تتوقف في أي إشارة فهم في الصيف تحت حموة الشمس في بدايتها وفي الشتاء تحت رذاذ المطر عليهم أن يسيروا الشوارع دون توقف ودون تعطيل أياً من أولياء الأمور والباصات، لهم كل التحية والله يعينهم على ما يعانونه، فهم يلعبون «الخشيشة» مع أولياء الأمور والباصات الباحثين عن المخالفات، فأنا أشاهدهم كل صباح يحاولون إيصال رسائل للسواق بأن بعض الشوارع اتجاه واحد وأن الدخول العكسي فيها يعتبر مخالفاً وإن كانت هناك سيارة مرور متوقفة ولمحوها من بعيد تجدهم يحاولون تصحيح مساراتهم بخطأ آخر وهو الدخول الخاطئ في الشارع الذي يبعدهم عن رجال المرور ما يتوجب تعطيل هذا الشارع وعلى طريقة «ياو يكحلونها عموها» هي إذاً معاناة رجال المرور التي لا تنتهي إلا بالإجازة المدرسية أو الأسبوعية أتوقع أنهم يتنفسون الصعداء في كل إجازة ونحن كذلك نشعر بأن الإجازة هي رحمة لنا وتخلصنا من المشاكل اليومية التي نعاني منها كل يوم في الصباح ووقت الظهيرة والويل لمن يقع منزله بالقرب من مدرسة، فلا راحة له ولا موقف سيارة وحتى الكراجات الخاصة يحتلها المنتظرون لأبنائهم فكيف لو حدث طارئ لا سمح الله واحتاج أحدهم نقل مريض أو استدعاء سيارة إسعاف.المشكلة التي أتحدث عنها اليوم ليست بالجديدة وحلولها مستعصية أنا أعلم فالمعاناة صعبة وتجد أن أي ولي أمر يخرج من منزله ويفكر في إيصال أبنائه ومن بعدها يفكر بالتوجه إلى مقر عمله بعيداً عن العقاب بالتأخير والخصم والإنذار فالراتب لا يحتمل أن «يقتطع» منه ولا فلس، لكن الذي أبحث عنه من قضية أرقت الكثيرين هذا التخطيط الأعوج الذي زرع المدارس في وسط فرجان وبيوت يعانون أصلاً من شح المواقف لسياراتهم، فكيف السبيل عن سيارات أولياء الأمور والباصات الصغيرة وإن كانت المدرسة إعدادية أو ثانوية فالمصيبة أعظم فهناك باصات وزارة التربية الكبيرة التي تقل طلاب القرى والتي تتسبب في زحمة لا حول ولا قوة لهل البيوت القريبة إلا أنهم يحاولون الوصول إلى أعمالهم بوقت مبكر قبل أن تصطف هذه الباصات وتسد منافذ الدخول والخروج إلى مناطق سكنهم وقد يكون الحل اطلبوا العلم في «الصين» كما أعلنت وزارة التربية!!أقول إن سوء التخطيط الذي نعاني منه في البحرين وتحديداً في المدن المفروض أنها حديثة كمدينة عيسى مثلاً فما بال أهل المدن المزدحمة أصلاً كالمحرق والمنامة.ما أود إيصاله كيف السبيل إلى خروج آمن لتوصيل الأبناء إلى مدارسهم التي لن تحلها إلا شبكة طرق «المترو» الذي يسير بخطوط متشابكة يربط المدارس في كل منطقة وتكون له نقاط تجمع تريح الأهل والمرور من زحمة الصباح والمعارك و«الهوشات» والحوادث التي تزيد الطين بلة في التعطيل، والمشكلة الرئيسة أن وزارة الأشغال لا تجد تاريخاً لتصليح الشوارع إلا مع بداية العام الدراسي وكأنهم يريدون المشاركة في الحفلة لا وفي ذروة الزحمة يا إما في الصباح أو وقت الظهيرة وكأن الناس ناقصين عذاباً.الرشفة الأخيرة معاناة المدارس ليس أكثر منها إلا معاناة المواطن البحريني مع الراتب فراتب شهر 6 رمضان وراتب 7 عيد وراتب 8 مدارس وراتب 9 عيد وراتب 10 لباس فصل الشتاء، هذا إذا استثنينا هذا الجدول من الديون «ميرة» البيت الشهرية والفواتير والقروض ومصاريف الأولاد وأقساط السيارات والتسجيل والتأمين عليها، فلا يفكر المسكين بعد نهاية العام الدراسي أن يأخذ الأولاد في سفرة تنسيه معاناة العام الدراسي والجيب يشكو الحال، فليس بالغريب أن يعود هذا الصبور إلى التهام حبوب الضغط والسكر والكلسترول والروماتيزيم والكثير الكثير من الأمراض فتجد كل رب عائلة قد ينتهي به المطاف نزيلاً أحد المستشفيات ولا يورث لأبنائه إلا صندوق الأدوية التي يتناولها فكم أنت صبور يا «جمل ما يهزك ريح».